من أشرف العلوم الإسلاميَّة علم (الوعظ والإرشاد)، ومن حاز شروطه وجمع أصوله وأتقن أساليبه فقد أوتي خيراً كثيراً، ونال فضلاً عظيماً. وأي خير أجدى وأنفع من أن يتحول المرء إلى داعية لله، يدعو إخوانه إلى الخير، ويحضهم على البر، ويأمرهم بالمعروف، وينهض به، وينهاهم عن المنكر، ويتجنبه.
من المعروف أن كتاب الله الكريم يحتل منزلة عظيمة ورفيعة عند المسلمين؛ فهو كلام الله ووحيه المنزَّل على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين نبينا محمد صلى لله عليه وسلَّم، وهو مصدر الدين والتشريع والتقنين، قال تعالى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِه نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِه إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ سورة الشورى آية (13)، وقال تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ سورة آل عمران آية (85).
فالقرآن الكريم أصل الأصول وأساسها، منه تنطلق وإليه وتعود، وهو أصل حياة الأمة، وسبيل رشدها وعزتها، فقد وصف بأوصاف عدة تبيّن طبيعته، وتثبت أهميته ومكانته العظيمة، ومنها ما يأتي:
هو سر الحياة، ولا حياة للمسلمين في أي زمان ومكان بدون هذا الروح، قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا سورة الشورى آية (52).
فهو الشفاء والرحمة للمؤمنين به العاملين بهداه، قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة لِّلْمُؤْمِنِينَ سُورة الإسراء آية (82).
إنه هدى للمتقين، قال تعالى: ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيه هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ سُورة البقرة آية (1)
وإنه نور وضياء، تستضيء به العقول، وتستنير به القلوب، قال تعالى: وَلَكِن جَعَلْنَاه نُورًا نَّهْدِي بِه مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ سُورة الشورى آية (52).
فالمسلمون اليوم أعرضوا عن كتاب الله الكريم إعراضاً، وهجروه هجراً، فلم يتخذوه هدى يهتدون به، ولا نوراً يستنيرون به، ولا بصائر يستبصرون بها كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا سورة الفرقان آية (30).
أما حال السلف الصالح من هذه الأمَّة مع كتاب الله الكريم فيتمثل في المحافظة عليه والعناية به والإقبال الشديد على تلاوته والتدبير والفَهم والتبصر والاهتداء..
وإنني عبر هذا المقال أناشد الجهات المعنية بكتاب الله الكريم النظر في هذه المصاحف الصغيرة جداً، التي تمثل مقاس 4سم X 3 سم، على شكل ميدالية مفاتيح، يضعها المرء في جيبه، ويتلاعب بها الأطفال وغيرهم.
فالقرآن الكريم له منزلة عظيمة وكبيرة؛ تحتاج منا إلى المحافظة عليه، وعدم إهانته والاستخفاف به، واحترامه جداً، ووضعه في الصورة اللائقة به.