لعل البعض منا يعرف أن الأسرة هي حجر الزاوية وهي التي تقوم بتنشئة الفرد وتربيته التربية الإسلامية الصحيحة، لأننا في مجتمع يعتمد على مبادئ رسمها لنا الإسلام في حسن التعامل والرقة واللين بما لا يخل في هذه التنشئة فتضعف الأسرة وتكون غير قادرة على الضبط الاجتماعي، فأول تجربة وتنشئة يتلقاها الطفل في داخل كيان الأسرة، فإذا كان تعامل الأسرة مع الفرد بما يتوافق مع طبائع المجتمع السليمة والعادات والتقاليد الإسلامية الصحيحة بحيث يبدأ الفرد معرفة مبادئ الخطأ والصواب والعيب والسلوك المشين والسلوك المعتدل والوسط من غير تدليل أو تشدد، فإنه بعد ذلك ينتقل إلى المجتمع الثاني وهو مجتمع المدرسة ويخوض تجارب جديدة مع أقرانه من الطلاب ومع معلميه وهنا المحك، فإذا كان وسط المجتمع المدرسي متفقا ومنسجما مع ما تلقاه من تربية وتجارب في أسرته فلا غرابة لديه في ذلك في التعامل مع هذا الوسط، أما إذا كانت هناك فوارق يصعب انسجامه معها فإن تكيف الطالب مع هذا المجتمع المدرسي قد يكون صعبا، وقد تكون المدرسة عامل طرد للطالب وقد تنتقل معه هذه المواقف إما من زملائه أو بعض مدرسيه أو من بعض مواد المنهج الدراسي وخاصة في المرحلة المتوسطة والثانوية، حيث يظهر عليه بعض مؤشرات سلوك العدوانية سواء مع زملائه أو معلميه. هنا يدخل دور الخدمة الاجتماعية المدرسية التي يمارسها ويطبقها (الإخصائي الاجتماعي المدرسي) لبحث هذه السلوكيات ومعرفة أسبابها للوقوف على تشخيصها وعلاجها قبل استفحالها وتطورها.
وقد طالعتنا الصحف منذ أيام بحادثة غريبة من نوعها على مجتمعنا المدرسي السعودي وهي تعدي طالب على مدرس اسمه (البرناوي) بالقتل وذلك في مدينة صبيا بمحافظة جيزان (بمجمع مدرسي ابتدائي ومتوسط وثانوي).
وهذه الحادثة تشكل تطوراً للعنف في المدارس فكنا نسمع عن تهشيم سيارة مدرس أو شيء من هذا القبيل، أما أن يصل الأمر إلى حد القتل فمعنى ذلك أن العنف قد وصل مداه لذا كما قلنا لو كان هناك إخصائي اجتماعي متخصصا في الخدمة الاجتماعية من خريجي أقسام الخدمة الاجتماعية في الجامعات وليس مرشداً طلابياً مع احترامي لهم وغير المتخصصين لقام بدراسة حالة هذا الطالب دراسة علمية فنية قبل وقوع الحادثة، لأنه مؤكد أن هذا الطالب ظهرت عليه بعض السلوكيات العدوانية التي تتطلب التدخل المباشر في حينه وعلاج هذا السلوك لأنه قد يكون يمر بظروف صعبة مع معلمه أو زملائه... الخ. لذا تعيين وزارة التربية والتعليم إخصائي اجتماعي في كل مجمع مدرسي لملاحظة الطلبة من أجل الكشف عن سلوكهم غير العادي والعدواني والتحدث معهم لمعرفة الجوانب النفسية والنواحي العصبية التي قد تنم عن حقد دفين أو حب للتعدي على الآخرين أو التهور المفاجئ الذي قد يصل إلى حد القتل كما أسلفنا.
ويمكن للإخصائي الاجتماعي دراسة حالة الطالب لأن الخلاف قبل تفاقم الأزمة والتوفيق بين أطراف النزاع سواء كانوا طلبة أو بين الطلبة والأساتذة قبل أن تتطور الأمور وتسوء. وفي معظم المدارس لا يوجد إخصائي اجتماعي ويعتمد على المرشد الطلابي الذي ذكرنا هو في الغالب أقدم مدرس ويقتصر دوره على أخذ تعهد على ولي الأمر أو فرض عقاب على الطالب المخالف أو نصح أو إرشاد.
ونحن نرى في دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية طلبة يصل بهم الأمر إلى فتح النار على الطلبة بدون تفريق وهذه الحالات النفسية من الممكن معرفتها من قبل الإخصائي الاجتماعي إن كان مهتماً بعمله، فيمنع حدوث ما لا تحمد عقباه من مجرد مراقبة سلوك الطلاب والتحدث معهم.
والطالب العدواني يحتاج إلى دراسة حالته وعلاجها وتوجيهه أو عقابه بحسب ما ارتكبه من عمل وإن ترك يزداد عدوانية ثم يصبح خطراً يهدد المجتمع المدرسي بما فيه من طلاب ومعلمون.
انه لمن الضروري وجود إخصائي اجتماعي في جميع المدارس بنين وبنات خاصة المرحلة المتوسطة والثانوية ولن يكون مجرد صورة ويسند إليه كشوف الحضور والغياب أو المقصف، وإنما يكون مسؤولاً عن أحوال الطلبة وبحث مشكلاتهم ومعرفة الأسباب قبل وقوع المشكلات والعدوانية،
وعمل ملف لكل طالب يشرح حالته النفسية لكي يتابع الإخصائي النفسي الذي قد يحل محله حتى لا يصل الأمر إلى القتل والتهور وإساءة الأدب.
إن وجود الطلبة بصورة يومية مجتمعية يعكس حالات قد تكون خطيرة ناتجة عن مشكلات في المنزل أو تعاطي المخدرات أو خلاف ذلك من الآفات الاجتماعية الخطيرة. ولا يكتشف مثل هذه الأمور إلا إخصائي اجتماعي حقيقي فمعظم النار من مستصغر الشرر، لذا فدور الإخصائي الاجتماعي المدرسي مهم للحد من العنف يا وزارة التربية والتعليم.