انتهى موسم الحج وعاد معظم الحجاج إلى ديارهم سالمين غانمين - بإذن الله -، بعد أن تمكنوا من أداء هذه الفريضة العظيمة، محملين بالأمل أن يغفر الله لهم ذنوبهم ويكفّر عن سيئاتهم ويجعلهم مع الأبرار ويدخلهم جنات النعيم.. وكلمة حق لا بد من قولها عن موسم هذا الحج كما هي الحال في المواسم السابقة.. فبعض المجتمعات الإسلامية في نمط حياتها العادية قد لا تكون متعودة على التنظيم والإدارة والالتزام بالنظام بشكل عام، حيث إن النادر لا حكم له.. كما أن معظم الدول الإسلامية ليست لديها من الإمكانات المادية ما يجعلها قادرة على دفع مبالغ كافية لتغطية مصاريف الحج بشكل تام.. كما أن كثيراً من الحجيج هم من تلك الطبقات الكريمة التي لم يُتح لها كثيرٌ من التعليم والتدريب، ولهذا فإن التعامل مع هذه الفئات يحتاج إلى الحكمة والدراية والصبر والاصطبار وتحمُّل الأخطاء، وهذا ولله الحمد ما كان من القائمين على موسم الحج.
لعلنا نقف بكثير من الإعجاب للجهود الكبيرة التي يقدمها القائمون على الأمن، حتى يضمنوا سلامة الحجيج ونجاح موسم الحج، ولم تكن أدوات ذلك النجاح مقتصرة على ما يُنفق من مال أو ما يتم توفيره من أفراد وإنما أسّ ذلك النجاح هو التخطيط السليم واليقظة الدائمة والحرص الكامل وبذل المجهود الفائق حتى يمكن الوصول إلى الهدف النبيل، وهو سلامة الحجيج.
إن الأمن ليس مجرد كلمة تُقال أو إجراء واحد فقط، وإنما هو مجموعة من الإجراءات المتتابعة والمتناغمة حتى لا تكون هناك ثغرة يمكن للعابثين والمغرضين النفاذ من خلالها للإساءة إلى الحجيج، وأحسب أن مثل هذا العمل يحتاج إلى تخطيط مسبق ووقت كافٍ وجهد مستمر، ليجتمع ذلك كله في بضعة أيام يكون التركيز فيها في قمته.
إن وصول الحجيج وتنقلهم في أوقات محددة وبين أماكن معينة قد يصعّب المهمة الأمنية، لكن الجهد الكبير المبذول قد ساير تلك الصعوبة فأثمر ذلك الجهد ولله الحمد عن هذه النتائج الإيجابية التي لا بد من الإشادة بها، لا سيما أن هناك تنوعاً كبيراً بين المسلمين في ثقافاتهم وخلفياتهم ومشاربهم وأساليب حياتهم، ولهذا فإن التعامل مع هذه الأنماط المتباينة يجعل المهمة صعبة للغاية، أضف إلى ذلك اختلاف الألسن واللهجات والطبائع والقناعات مما يجعل الحمل أثقل.
إن ما شهدَ به الحجاج من تعامل إنساني ولطيف من قِبل رجال الأمن له مؤشر آخر على إدراك القائمين على الأمن أن الحج شعيرة وأن الحجاج ضيوف على المملكة، ولهذا فإن تجاوز زلاتهم والتغاضي عن هفواتهم، هو جزء من ثقافة جُبل عليها الشعب السعودي الكريم.. ولهذا فإننا نرى ونسمع لطفاً في العمل والقول وإرشاداً لكل من لا يحسن التعامل مع الآخرين، وكل ذلك لغاية واحدة وهي خدمة ضيوف الرحمن.
ولعل من الإنصاف شكر القائمين على أمن الحجيج والمساهمين فيه من قيادات وأفراد، فقد كان موسماً ولله الحمد جيداً بكل المعايير وهذا من فضل الله ومنّته وتوفيقه، ثم الجهود الكبيرة والمبذولة من الجميع.