نرحب في بلدنا الطاهرة بضيوفنا الحجَّاج *** ونخدمها إلى حلَّت ونحرسها بممشاها
كتب: عبدالعزيز بن سعود المتعب:
قال الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ استطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فإن الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (97) سورة آل عمران. {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} أي: حقٌّ لازم، وفرض محتَّم على المستطيع من الناس حج بيت الله الحرام، ومن ترك الحجَّ مع استطاعته له فإن الله غني عنه وعن عبادته، وَوَضْعَ (من كفر) موضع من لم يحجَّ، تأكيداً لوجوبه، وتغليظاً على تاركه، كأنه على حافة الكفر.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من حَجَّ فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه) متفق عليه.
(رجع كيوم ولدته أُمُّهُ) أي رجع من حجِّه تقياً نقياً، كأنه لم يرتكب ذنباً، كالطفل الصغير الذي لم يُكلَّف.
ويعتز أبناء المملكة العربية السعودية برعاية دولتهم أيدها الله لحجاج بيت الله الحرام منذ عهد مؤسس الوطن وموحده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - وعهد أبنائه الملوك من بعده - رحمهم الله - سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، حتى عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - وسيدي سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه - وسيدي سمو النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز - أطال الله عمره وأدام عزه -.
وقد أولت الدولة أيدها الله العناية الخاصة بكل ما يخص هذا الركن من أركان الإسلام على كل الصعد وسخرت الإمكانات المادية الهائلة من التوسعات المتتابعة للحرمين الشريفين والطرق والجهود التوعوية والأمنية لراحة حجاج بيت الله بيت الله الحرام، لكي يحققوا مقاصد الحج وأهدافه السامية متعددة الأغراض، كما أمر الله جلت قدرته الذي أوجب الحج على عباده كركن خامس من أركان الإسلام قصد به توجيه الأمة الإسلامية للاستفادة من هذا التجمع الإسلامي العظيم الذي يجتمع فيه المسلمون من شتى أقاصي العالم الإسلامي للاستفادة من منافعه الخيرة.
(وقد كان الحج في الماضي يتم بأسلوب معين دون أي إعداد أو تخطيط.. أما اليوم فإن الوضع مختلف حيث الأعداد الضخمة المتزايدة الراغبة في أداء شعيرة الحج من شتى بلدان العالم العربي والإسلامي نتيجة لما وفرته حكومة خادم الحرمين الشريفين منذ عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - من أمن وارف، وتيسير وسائل النقل الجوية والبحرية والبرية وتهيئة كل الخدمات منذ أن تطأ أقدامه المملكة وحتى مغادرته سالماً غانماً.
وكان الحج فيما مضى قبل العهد السعودي الزاهر صعباً للغاية لدرجة أن الحاج الذي ينوي أداء الفريضة كان يودع أهله وداع من لا رجعة له من كثرة الأهوال والمتاعب التي كان يواجهها، من يعود سالماً تقام له الولائم والأفراح (1).
وقد أقيمت الأنفاق التي اخترقت الجبال الصماء لتقريب المسافة بين أحياء مكة والمسجد الحرام، إضافة إلى الطرق السريعة بين مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة وغيرها من وسائل حديثة ومتجددة بعضها تحت الإنشاء وبعضها تم إنشاؤه كالقطارات لتحقيق الرفاهية والأمان والراحة لضيوف الرحمن.
إن المملكة العربية السعودية بحكم مسؤوليتها التي أولاها الحق تبارك وتعالى شرف خدمة بيت الله الحرام قد جندت كل أجهزة الدولة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، فإلى جانب وزارة الحج التي تمثل واسطة العقد في رعاية الحجاج لكل أجهزة الخدمات بالمملكة.. هناك العديد من الأجهزة المختصة المهتمة بالخدمات، وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية الحريصة على الرعاية الأمنية للحاج والأجهزة المرورية والدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية، وإمارات المناطق خاصة إمارة منطقة مكة المكرمة ولجنتها المركزية التي تدرس على مدار العام كل ما له صلة بالحج، إيجابياته وسلبياته، وما يقدم إليها من مقترحات، وإمارة منطقة المدينة المنورة وغيرها من إمارات المناطق الأخرى والوزارات ذات العلاقة بشؤون الحج كوزارة البلديات المسؤولة أمانتها وبلدياتها عن النظافة والصيانة ومصلحة المياه والصرف الصحي المسؤولة عن توفير مشارب المياه ووزارة المواصلات المسؤولة عن الطرق ومؤسسات أرباب الطوائف الأهلية المسؤولة عن خدمات الحج منذ وصول الحجاج وحتى مغادرتهم لبلدانهم.
كما أن المملكة العربية السعودية تبذل جهوداً مخلصة بالعناية بالأمور التوعوية، ففي كل موسم حج تهيئ هيئة التوعية الإسلامية في الحج التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والعديد من دعاة المسلمين وعلمائها بالمملكة ومن يشاركها من علماء ودعاة البلدان الإسلامية للتوعية بنسك الحج في أماكن تجمع الحجاج بالموانئ الجوية والبحرية والبرية ومدن الحجاج ومراكز تجمعهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة والمساجد وفي المشاعر المقدسة، والرد على استفسار أي حاج يتعلق بعبادته ونسكه كما تهتم وزارة الصحة بالرعاية الطبية الشاملة، وإنشاء المستشفيات والمستوصفات المجهزة بأحدث الأجهزة والمعدات ومراكز ضربات الشمس في كل مناطق الحج وخاصة في المشاعر المقدسة ونقل المصابين في سيارات الهلال الأحمر، وإعداد البرامج الإسلامية والتثقيفية من قبل وزارة الإعلام والحج عن طريق الإذاعة والتلفاز، كذلك نقل التجمع الإسلامي الكبير في عرفة ونفرة الحجيج عن طريق الأقمار الصناعية، ليشهدها العالم الإسلامي والعربي ليشاركوا الواقفين بعرفة لحظاتهم الروحية التي تجلت في هذا التجمع الخير إضافة إلى ما يلقى من محاضرات إسلامية وندوات خلال أيام التشريق تعالج أهم قضايا الإسلام والمسلمين ونشرات مطبوعة باللغات الأجنبية، ولغات بلدان العالم الإسلامي، ويتواصل الاهتمام بهذه التوعية خلال أيام المشاعر كلها وفي كل مكان يحل به الحجاج بغية توعيته بكل ما يعنيه من أمور نسكه وعبادته.
ولأن الشعر هو المجسد والموثق الأدبي الأول في التاريخ والشاهد على (الزمان والمكان) فقد صور بدقة كل ذلك في نصوصه من ذلك من قول الأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير:
المملكة تاج الديار..
صارت لدين الله منار..
(قبلة جميع المسلمين)..
عزٍ لكل المؤمنين..
هي عزنا هي فخرنا..
نفدي ثراها بدمّنا..
حكامها هم أهلنا..
هم سورها هم أمنها..
وقال الشاعر الكويتي المعروف مرشد البذالي - رحمه الله - القصيدة التالية معبراً فيها التسهيلات التي تقدمها الحكومة السعودية للجميع:
نصينا (حج بيت الله) وكل مبديٍ مجهود
عسى في حجّة الجمعة ذنوب العبد ممحيَّه
الا ياما قطعنا من اسهال ومن جبالٍ سود
رهارية السهال اللي تبيِّد كل عمليه
نروح ولا علينا خوف دام إن الملك موجود
ولا من فرق ما بين الكويتي والسعودية
ليا جينا بحد المملكة في ديرة ابن سعود
ليا طب الكويتي كن له بالدار جنسيَّة
كما يعبر الشاعر فراج بن جلبان السبيعي عن مكانة الأمن والإيمان في نفوس أبناء الشعب السعودي، وترحابهم في حجاج بيت الله الحرام وخدمة الدولة لهم بتوفير مطالبهم والعمل على راحتهم.
وصار الأمن والإيمان فوق صدرونا أحلى تاج
وبلدنا من حداه القوت في داره تنصَّاها
نرحب في بلدنا الطاهرة (بضيوفنا الحجَّاج)
ونخدمها إلى حلَّت ونحرسها بممشاها
نوفّر كل ما تطلب ونحفظها من الإزعاج
نحاول ما استطعنا كل بعثه نكسب ارضاها
ويقول الأمير الشاعر د. سعود بن عبد الله في (أوبريت مولد أمه):
(مكة) ترى عزٍ لنا..
ومن (الحرم) نور وسنا..
رسالة وحلف ويمين..
(لبّوا الحجاج) في شوق وحنين..
توجهوا لك راكعين وساجدين..
تفتخر طيبة بها قبر الرسول..
ومسجدٍ فيها يزوره مسلمين..