تونس - فرح التومي :
أعلن علي العريض رئيس الحكومة أنه لا مجال لاستقالة حكومته ما لم تنتهِ أعمال المجلس التأسيسي مقراً بموافقته على بنود مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني دون تحديد مواعيد مضبوطة، ومجدداً تأكيده أن الحكومة لن تستقيل إلا بعد أن يتم الانتهاء من صياغة الدستور وسن قانون انتخابي واستكمال تركيبة هيئة الانتخابات وتحديد موعد نهائي للانتخابات. العريض صرّح أيضاً في حواره مع التلفزيون الرسمي بأن خارطة الطريق المقترحة من قبل الرباعي الراعي للحوار لا يمكن تطبيقها بحذافيرها، خاصة فيما يتعلق بالمواعيد والأوقات التي حددتها، في إشارة إلى الهيئة المستقلة للانتخابات التي حال الجدل بشأنها دون المرور إلى الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني. رئيس الحكومة أعلن أن خارطة الطريق التي سيتم تطبيقها هي الخارطة التي سيقع التوافق بشأنها خلال الحوار الوطني، بما يعني أن حكومة الترويكا غير ملتزمة بما جاء في مبادرة اتحاد الشغل التي اعتبرتها أرضية لانطلاق الحوار، لا وثيقة وجب تنفيذ ما جاء فيها، وهنا نقطة الخلاف الرئيسية مع أحزاب المعارضة المتمسكة بالمبادرة التي تفرض تطبيقها حرفياً بدءاً باستقالة الحكومة. واعتبر محللون سياسيون أن علي العريض أراد أن يقول إنه غير راض عما صرح به زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي؛ إذ يرى أنه بالغ في التنازل لفائدة أحزاب المعارضة؛ ما جعل قيادييها يضاعفون ضغوطاتهم من أجل تنفيذ بنود المبادرة التي تستجيب بالكامل لرغباتهم وطلباتهم المرتكزة أساساً على استقالة الحكومة، وعلى إقصاء النهضة نهائياً من الساحة السياسية.
ولعله من المفيد هنا الإشارة إلى أن رئيس الحكومة ربط استقالة الترويكا بشروط أربع، هي (المصادقة على الدستور الجديد والتوافق بشأن الهيئة المستقلة للانتخابات وتحديد موعد نهائي لإجراء الانتخابات بعد وضع قانونها المنظم)، إلا أن المعارضة تصرُّ على أن تستقيل الترويكا أولاً، ثم الانطلاق في الحوار، فيما ترى الحكومة ومعها أحزاب من خارج الائتلاف الحاكم، لكنها صغيرة مقارنة بأحزاب المعارضة الأخرى، أن الحوار يجب أن يسبق الاستقالة. ويتجلى حجم الصراع القائم بين الحكومة والمعارضة عند نقطة اعتبار المعارضة أن حكومة علي العريض فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة شؤون البلاد مقابل يقين لدى رئيس الحكومة الذي يرى أن حكومته لم تفشل مطلقاً مستدلاً في ذلك بتحسن المؤشرات العامة مقارنة بالأحوال السلبية لبلدان الربيع العربي، مثل ليبيا ومصر.
ميدانياً، عاشت محافظة القصرين على وقع تبادل إطلاق الرصاص بين رجال الجيش ومجموعة من الإرهابيين الذين تمكنوا من الإفلات من قبضة العسكر والتخفي في أدغال الجبل الذي تحاصره قوات الجيش والأمن منذ أسابيع بغية إلقاء القبض على المسلحين فيه. ويخشى التونسيون أن تكون عملية الأمس في محافظة القصرين مقدمة لسلسلة من الأعمال الإرهابية التي تفيد مصادر استخباراتية بأن الإرهابيين بصدد التخطيط لها قصد تنفيذها يوم غد، يوم عيد الأضحى المبارك. وكانت أخبار مؤكدة قد أفادت بأن المصالح الاستخباراتية الجزائرية والأمريكية حذرت السلطات التونسية من إمكانية استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة للفضاءات الكبرى والساحات العمومية وبعض المنشآت الدولية خلال إجازة العيد. يُذكر أن البيت الأبيض كان قد وجّه تحذيراً للرعايا الأمريكيين الموجودين بتونس بتفادي الوجود في الفضاءات الكبرى، وكان البيان نفسه قد أوصى الأمريكان بعدم السفر إلى تونس هذه الأيام؛ ما يقيم الدليل على جدية المخاطر التي تمثلها مخططات الجماعات المسلحة على الأمن والاستقرار داخل تونس.