عندما فكرت في الكتابة عن فقيد الوطن الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالله العبدان تذكرت والده الشيخ الجليل القاضي عبدالله العبدان الذين تقلد القضاء في عدد من مناطق المملكة، وكان آخرها قاضياً لمدينة عنيزة، وقدحفلت سيرته الذاتية بالكثير من الصفات الحميدة وتعامل مع ممارسة القضاء بذكاء ودهاء، فالعرف والعادات والتقاليد لم تكن بعيدة عن أجواء القضاء، وقبل هذا وذاك فقه الواقع ومقاصد الشريعة يوليها جل اهتمامه وعنايته أيضاً لم تغب عنه أسرته التي أحاطها بالرعاية والاهتمام فحرص على تربية أبنائه وجعلهم مرتبطين بموروثهم الاجتماعي وتحصيلهم العلمي، وكانوا من الرعيل الأول الذين درسوا وتخرجوا من كلية الشريعة في مكة المكرمة، ولاسيما ابنيه الأستاذ عبدالعزيز وعبدالرحمن، وقد انعكس هذا الاهتمام بأبنائه كافة. فالشيخ عبدالعزيز هو أكبر أبنائه ولد سنة 1350هـ وتلقى تعليمه في مدرسة دار التوحيد، ومن ثم التحق في كلية الشريعة وتخرج سنة 1374هـ وعين مديراً عاماً للتعليم في أبها سنة 1375هـ وفي سنة 1379 عين مديراً للتعليم بالطائف وبعد ذلك انتقل مديراً للتعليم الثانوي بوزارة المعارف ثم ملحقاً ثقافياً بالعراق ثم بالقاهرة، وبعد ذلك عاد إلى المملكة وكلفه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميراً للرياض بمنصب مدير جمعية البر بالرياض واستمر فيها عدة سنوات، وكان طيلة عمله في جميع المناصب التي تقلدها عند حسن ظن ولاة الأمر في هذه البلاد الطاهرة فمشواره الوظيفي معظمه في سلك التعليم ومراكزه القيادية منذ تخرجه ونيله الشهادة الجامعية الذي يؤكد على امتلاكه للمهارات القيادية والحكمة وسداد الرأي التي جعلت المسئولين عن التعليم في بلادنا يثقون فيه في وقت مبكر في تولي العديد من المناصب القيادية وكان أهمها مدير التعليم الثانوي بوزارة المعارف ونتذكر التعليم الثانوي في ذلك الوقت، وأهميته باعتباره مُخرج التعليم الأول الذي يقود إلى الجامعة أيضاً عمله كملحق ثقافي في العراق ومصر، رسخ الكثير من المعطيات التي توثق التبادل الثقافي بين المملكة وهاتين الدولتين بالإضافة إلى اهتمامه ما يخص الطلاب المبتعثين، كذلك أيضاً حرص على توظيف الإعلام في عمل الملحقية وخصوصاً عندما كان ملحقاً ثقافياً في جمهورية مصر العربية حيث أصدرت الملحقية مجلة اسمها (المجلة الثقافية) التي استقطبت الكثير من المثقفين داخل مصر وخارجها ووطدت العلاقة الثقفية بين البلدين الشقيقين أيضاً من الأشياء التي اتصف بها - رحمه الله - عشقه القراءة وتنوعها المعرفي فمجلسه في بيته العامر في مدينة الرياض أشبه ما يكون منتدى ثقافياً، وقد استمتعت في زيارتي له بذلك من خلال أحاديثه عن تجاربه وعلاقته بالقراءة والثقافة، ويستشهد بما قرأ ورؤيته تجاهها- رحمك الله -يا فقيد الوطن الغالي وألهم إخوانك الأستاذ عبدالرحمن والأستاذ محمد وناصر وزوجتك وأبناءك فهد وخالد وناصر وبناتك لطيفة وبدرية وعواطف وإيمان وهيفاء ونهلة وعبير وأسرة العبدان في كافة مناطق المملكة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.