لا خلاف على ضرورة قيادة المرأة وما يترتب عليه من تصحيح لوضعها العام الذي عطّل الكثير من مصالحها. لكن لنفترض أنه سُمح للمرأة السعودية أن تقود سيارتها، ما الذي سيحصل على مدى عشر سنوات قادمة؟.
سوف يتضاعف ازدحام الشوارع بسيارات الطبقات الثرية من النساء. نعم، لأنّ من سيبادرن بالقيادة هنّ من يمتلكن تكلفة سيارة وهنّ بالطبع سيدات الطبقة العليا. فيما ستبقى امرأة الطبقة الفقيرة والمتوسطة في ذات المكان من الحاجة للرجل، أو الاعتماد على سيارات النقل الخاصة. وهذا أمر متوقّع. فهل قيادة المرأة ستغيّر من واقع المرأة؟ هل هو على رأس أولوياتنا في حال تنبّهنا إلى أنّ المرأة مازالت تحت وصاية وليّ الأمر، ومازالت غير قادرة على استصدار شهادة وفاة أو تسجيل مولودها الجديد، وليست قادرة للآن على تخليص إجراءات المحاكم دون وجود وكيل شرعي. هذا غير التمييز في التوظيف والرواتب، والقروض العقارية.
مما حدا بأربع عشرة سيدة أعمال وأكاديمية وحقوية إلى رفع خطاب إلى سيدات الشورى في تاريخ 11 سبتمبر الماضي، لإعادة النقاش في حقوق المرأة والإسراع بتصحيحها، في ظل ما تشهده المملكة من خطوات واسعة في تمكين المرأة تحت عين الملك عبد الله - حفظه الله -.
إنني مع قيادة المرأة وأدعمها، لكنني أطالب بإعادة ترتيب الأولويات من باب أولى.
فالقيادة في هذه المرحلة لو تحققت فستعتبر مجرّد رفاهية لفئة معيّنة وقليلة من المجتمع، وستحرم منها غالبية النساء ممن لا يمتلكن دخلاً خاصاً أو تأهيلاً كاملاً لأن يمارسن حياتهن باستقلالية كاملة، باعتبارهن يملكن حقّ التصرُّف في حياتهن ومالهن وأولادهن!.
لنهبها واقعاً منصفاً، دخلاً، حقاً غير منقوص، أهلية كاملة.. لتصبح قيادة السيارة ضرورة أكثر من كونها ترفاً وتمايزاً..