نشأ اقتصاد من نوع جديد عند الحدود التي تتشابك فيها القطاعات التقليدية، اقتصاد يتّجر بالنتائج الاجتماعية، وتشمل العملات المتداولة فيه البيانات العامة، والسمعة، والوقع الاجتماعي. ولا يمثّل «اقتصاد الحلول» هذا الفرص الاقتصادية دون سواها، إذ يُعتَبَر أيضاً طريقة جديدة لحل المشاكل الاجتماعية الراسخة.
وتتشكّل أسواق بمليارات الدولارات في محيط بعض أصعب مشاكل العالم – بدءاً بمكافحة الملاريا، ومروراً بتوفير إسكان متدني التكلفة وبتعليم أفقر الفقراء. وفي أسواق الحلول هذه، تُسجَّل منافسة بين الشركات، وأصحاب المشاريع الاجتماعية، والشركات غير المتوخية للربح والمتعددة الجنسيات، ويبرز تنسيق وتعاون في ما بينها، في سبيل حلّ مشاكل كبيرة جدّاً، مع الإشارة إلى أن الجمعيات والمؤسسات الخيرية والحكومات – والشركات الخاصة بحد ذاتها في أحيان كثيرة – تؤدي دور الأطراف المموّلة، والمستثمرة و صانعة الأسواق.
وبعكس معظم البرامج الموجهة من الحكومات، التي يكون طموحها مقيّداً بالحدود السياسية، تنتشر هذه الحلول بسهولة في أرجاء الكرة الأرضية. وفي أقل من عقد من الزمن، اتسع نطاق برنامج «بروجكت شاكتي» للقروض الصغرى الموجّهة للنساء، الذي أطلقته شركة «يونيليفر» في القرى الهندية النائية، من 17 امرأة تعمل في التجارة إلى 43 ألفاً، ليخدم بالتالي 3 ملايين أسرة هندية، علماً بأنّه ينتشر حالياً إلى سري لانكا وبنغلادش.
وقد يثير هذا الأمر بعض التحفّظ، وقد تخطر لك أفكار كالآتي: لدينا أسواق للأحذية، والمنازل، والمركبات الآلية، ولكن أسواق للنتائج المجتمعيّة؟ لا يبدو الأمر منطقياً. ألم تكن هذه المشاكل الكبرى والصعبة ذاتها التي فشل السوق أصلاً بسببها – إذ اضطرّت الحكومة إلى التدخّل؟ فلنأخذ مثال الإتجار بالبشر. من السهل أن نرى كيفيّة نشوء سوق مكرّس لهذه الممارسة المريعة، ولكن هل يمكن بناء سوق يساعد على الحد منها؟
نفترض أن استحداث الأسواق ممكن – أو أقله استحداث آليات سوق – في محيط مشاكل على غرار تنظيف البيئة، والانتقال من مجال الرفاهية إلى العمل، وحتى الإتجار بالبشر. والواقع أن الأسواق والبيئات الاقتصادية تتطور في محيط شتّى الجوانب المرتبطة بالمشاكل المجتمعية، مع الإشارة إلى أن المشترين في هذه الأسواق يبتاعون تأثيرات أو نتائج، تتمثّل بمجتمعات أكثر سلامة، وبأولاد قادرين على القراءة، وبتراجع لمستويات العودة إلى الإجرام. ويوفّر البائعون نتائج، قد تقضي بتصميم إضاءة رخيصة التكلفة باستعمال الطاقة الشمسية، وبصياغة القانون الهادف إلى تعقّب حالات تفشّي السالمونيلا باستعمال البيانات الحكومية، وببناء شبكات بين القطاعات لمكافحة كوارث على غرار الإتجار بالبشر.
وماذا عن الحكومات؟ لقد شهد دورها تحوّلاً، وباتت تؤدّي أحياناً دور الممولة، وتعمل أحياناً أخرى على الجمع بين المشاركين كلهم، وتكون تارةً صانعة للسوق، وتارة أخرى مجرّد مساهمة من بين مساهمين كثر للتوصّل إلى الحل المنشود.
وفي بعض الأحيان، يقتصر دورها على توفير المساحة الضرورية لضمان عمل هذه الأسواق القائمة على توفير الحلول.