لم أعتقد مطلقاً في طفولتي أن جاسر الرميح صديق لوالدي، بل كنت أعتقد أنه شقيق والدي -رحمه الله- لكثرة ما أراه عند والدي في منزلنا بحي أم سليم، أو أن والدي يذهب إليه في منزله جنوب حديقة الفوطة، لقد كان والدي والعم جاسر الرميح متلازمين دائماً كالأخوان، وكانت تربطهما صداقة قوية قل أن تجدها في هذا الزمان، لقد كان العم جاسر يحضر لمنزل والدي ويتجاذبان أطراف الحديث، وكانت أحاديثهما حول ما يدور في ذلك الزمان، إضافة إلى الشعر والقصص وأحاديث السمر، فكانت صداقتهما صداقة مودة ومحبة لا صداقة مصلحة أو مجاملة.
وكانت لهما زيارات للأمراء والوجهاء في الرياض، وكذلك المشايخ، وكانوا برفقة بعضهما دائما، وكان والدي عندما تمر به مشكلة فإنه يلجأ إلى صديقه الوفي ويأخذ رأيه ويشاوره بالأمر، وكذلك العم جاسر، فأفكارهما متقاربة وآراؤهما سديدة وصداقتهما روابطها قوية، بنيت على محبة ومودة، وبعد وفاة والدي -رحمه الله- قبل حوالي تسع سنوات، لم تنقطع علاقتنا أنا وإخوتي مع العم جاسر، فكان يأتي إليّ -رحمه الله- ويسأل عن أحوالنا ويطمئن علينا بمحبة ومودة، وكنا نذهب دائماً لزيارته فلم ينس -رحمه الله- علاقته وصداقته مع والدي، بل كان الوفاء من شيمته وطبعه، فرحم الله العم جاسر وجمعه مع والدي والمسلمين في جنات النعيم.