لقد رجحت كفة حمد التويجري في ميزان المؤسس - طيب الله ثراه - واستأمنه المؤسس على خزائن القصيم المكتنزة خيراً، وأيضاً استأمنه على مسؤولياتها الكبيرة التي تختلف كثيراً عن غيرها من المناطق، ففوق كون القصيم آنذاك مركز ثقل اقتصادي للمملكة الناهضة، بما كان يعمر أرضها من خيرات الزراعة وعوائدها، فهي سلة غذاء الوطن.
وما من شك أيضاً في أن الراحل الشيخ حمد التويجري، من خلال موقعه المهم والحساس رئيساً لبيت المال في القصيم، قد أسهم بقوة وبفعالية وباقتدار في إرساء دعائم أساس قوي للنظام المالي في المنطقة، جعل القصيم في طليعة مناطق المملكة التي تمتعت باستقرار تنموي وبشري واقتصادي كبير، امتدت آثاره الطيبة إلى وقتنا الحاضر.
لقد أسهم الشيخ حمد إسهامات لافتة، يذكرها التاريخ في بناء النظام المالي في منطقة القصيم؛ وبالتالي الإسهام في عمل عظيم في وضع أسس التنمية في المنطقة المهمة في وقت مبكر من عمر الدولة السعودية الثالثة.
ولقد تواترت الشهادات تلو الشهادات على أن الفترة التي تولى فيها الراحل الشيخ حمد التويجري بيت مال القصيم كانت واحدة من أزهى عصور هذا الموقع الإداري المهم إن لم يكن أزهاها على الإطلاق.
فهذا الكاتب عبدالله زايد الطويان في الجزء الثاني من كتابه «رجال في الذاكرة» يقول عن الراحل الشيخ حمد: «في سنة 1356هـ اختير مديراً لبيت مال القصيم، وكان التويجري الرجل المناسب لها؛ إذ طور هذه الإدارة المهمة وما يتبعها آنذاك من صلاحيات أخرى، كان يرعاها ويكتب لجلالة الملك عبدالعزيز عن كل ما فيه خير للبلد».
ثم تطرق الكاتب إلى تلك الرابطة التي نجح الشيخ حمد في إقامتها مع أهالي بريدة تماماً، مثل تلك التي نجح في إقامتها مع أهل المجمعة وعموم سدير، بقوله: «وقد أحب البلد، واعتبر نفسه واحداً من أهلها، وكان حمد التويجري صاحب وطنية عرف بها، ويفرح كثيراً بقضاء حاجات العباد، وساهم في تطوير بريدة مساهمة فعَّالة؛ إذ كان من مشجعيها الأوائل، خاصة في الزراعة».
إذن، بشهادة التاريخ، كان رهان المؤسس على الشاب حمد بن الشيخ عبدالمحسن التويجري رهاناً ناجحاً بكل المقاييس حين ولاه بيت مال المجمعة وعموم سدير، وكأنه كان يعد للمهمة الكبرى، مهمة رئاسة بيت مال القصيم الكبيرة التي كانت امتداداً لنجاح الشيخ حمد في المجمعة.
ولعل شهادة المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - سبقت شهادة الجميع لحفيد التواجر الذي نما وترعرع في منزل مسؤول مالية كبير، تشرب على يديه أصول العمل في الإدارات المالية، فبدأ يومه الأول في العمل محملاً بسنوات طويلة من الخبرة في الشؤون المالية؛ ما جعله مسؤولاً استثنائياً، يمتلك طاقة الشباب وحماسهم، وفي الوقت نفسه يمتلك الخبرة الواسعة التي جعلته في سنوات معدودات رئيساً لعموم بيت مال أغنى مناطق المملكة وأكثرها نفوذاً وحضوراً، بما تكنز به من ثروات، وبما يقطنها من خيرة علماء المملكة وطلاب علمها ووجهائها، فطالما كانت القصيم مميزة ومبرزة وساطعة ومشرفة بأكثر من مَعْلم من معالم النور والعلم؛ ما يؤكد أن الشيخ حمد بالفعل كان الرجل المناسب في المكان المناسب، فثراء الجانب الثقافي والمعرفي في الرجل الذي حرص والده على تلقينه علومه على أيدي كبار علماء المجمعة ومعلميها كان عنصراً فعالاً في تلك الكيمياء التي سرى مفعولها بين الشيخ حمد وأهالي بريدة العاصمة، ومركز إدارتها المالية، فقد استطاع الرجل بروحه الجميلة ومؤانسته لزواره ومجالسيه وأهل منطقته أن يستأثر بنصيب كبير وحظ وفير من الروابط الإنسانية والأخوية التي نجح ببساطته المعهودة وتواضعه المعروف في إقامتها مع إخوانه وزملائه وأهله الجدد في بريدة.
وثمة شهادة أخرى رائعة في حق راحل التواجر ونجد الكبير الشيخ حمد، نرى أنه من الواجب إيرادها في هذا المقام حول طبيعة عمل الشيخ حمد آنذاك، والمهام الجسام التي كان يتولاها الرجل، وتأثيره الواسع - رحمه الله - في كثير مما كان حوله من شؤون القصيم، وهي شهادة للكاتب إبراهيم المسلم في كتابه «عبدالعزيز بن سعود وشخصيات في الذاكرة»، يقول فيها عن الشيخ حمد التويجري: «في سنة 1357هـ صدر أمر عبدالعزيز بن سعود بتعيين حمد بن عبدالمحسن التويجري مديراً لبيت مال بريدة خلفاً لمحمد بن مرشد. كانت مالية بريدة من الإدارات الكبيرة التي يُحتفظ فيها بالمال، إلى جانب المواد الغذائية التي تشتهر بها منطقة القصيم، إضافة إلى تخزين الأسلحة والذخائر.
وعندما عزم الملك عبدالعزيز على زيارة القصيم سنة 1360هـ كلف حمد التويجري بإصلاح وتعبيد الطرق حتى تكون صالحة لسير السيارات المرافقة للركب، التي بدأت تنتشر. وكان لحمد التويجري تأثير على بعض القرارات التي تصدر من إمارة القصيم؛ فكان مستشاراً يدلي برأيه الصائب، آخذاً بذلك مصلحة البلد وقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المادية في ذلك الوقت».