المتابع لحياة معظم نجوم الكرة العالمية يلاحظ وبجلاء مدى تأصيل وتفصيل الوعي الرياضي, والفكر الاحترافي في سلوكهم الانضباطي وتفاعلهم الإيجابي مع أنظمة أنديتهم المتبعة, واحترام عقودهم, والتمشي مع اتجاهاتها القانونية والحقوقية بكل شفافية ووضوح, فضلاً عن إسهاماتهم الخيرية وخدماتهم التطوعية, وتفاعلهم النبيل مع القضايا الإنسانية التي تنبثق من حسّهم ووعيهم المجتمعي, وتجسّد في الوقت ذاته المفهوم الحقيقي للرياضة أنها «رسالة حب وقيم سامية»!, وربما تُشكّل حياة نجم الكرة البرتغالية ونادي ريال مدريد الإسباني الشهير (كرستيانو رونالدو) الذي انضم إليه في 29 أغسطس من عام 2009م كأغلى صفقة في تاريخ كرة القدم العالمية بقيمة بلغت (94 مليون يورو طبقاً لموقع BBC الإخباري).. نموذجاً يستحق الاقتداء به.. في سلوكه الانضباطي, وتفاعله الإنساني, فهذا النجم (الاستثنائي) صاحب الأعلى أجراً في العالم, والوحيد الحائز على جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي مرتين في بطولتين مختلفتين, وأول لاعب في أوروبا سجل 40 هدفاً مرتين في موسمين متتاليين, وهداف دوري أبطال أوروبا مرتين 2007 - 2008, وصاحب الرقم القياسي لعدد الحضور يوم تقديمه لناديه الجديد «ريال مدريد», 80.000 متفرج,.. توفي (والده) بسبب إدمانه على شرب الكحول عام 2005م, وابنه (كرستيانو) لم يتجاوز عقده الثاني, الأمر الذي ولّد في وجدانه وجوانحه مشاعر الأسى والمرارة على رحيل والده وهو في سن 52 سنة..! بسبب إدمانه الكحول..! فقرر محاربة هذه الآفة المدمرة بثقافته الفكرية ونشاطه الخيري.. فهو في حياته لا يشرب ولا يتحدث بلغة الخمور..! كمبدأ ينطلق من سياق قناعته الذاتية, ووعيه الصحي وعقليته الناضجة,كما أن حياة الفقر والبؤس والفاقة التي عاشها - النجم العالمي الشهير - في طفولته مع أسرته الفقيرة.. في موطنه فصّلت في شخصيته المثيرة للجدل, واصّلت في وجدانه.. حب الأعمال الإنسانية والاهتمام بالجوانب الخيرية واتجاهاتها التطوعية.. فبعد إصابة (والدته) بمرض السرطان أنشأ مركزاً طبياً متخصصاً لعلاج أمراض السرطان في مسقط رأسه (جزيرة ماديرا البرتغالية),كما قدم تبرعات مالية لصالح ضحايا تسونامي في إندونيسيا عام 2004, ودعم مدارس الأطفال في قطاع غزة بفلسطين, علاوة على إسهاماته الخيرية في دعم الفقر والمرض في إفريقيا.. واختير سفيراً جديداً في يناير 2013 لمنظمة (أنقذوا الأطفال).. وتهدف هذه المظمة الخيرية في قالبها الاجتماعي على مكافحة الجوع والبدانة بين الأطفال بممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي, وفي ديسمبر 2012 انضم الأسطورة البرتغالية كرستيانو رونالدو لبرنامج «فيفا 11 للصحة» ويجمع هذا البرنامج التوعوي أفضل (11) لاعباً في كرة القدم العالمية.. لرفع مستوى الوعي وتوجيه الرسائل التنويرية للأطفال وتحصين عقولهم وحماية أدمغتهم من الأمراض الاجتماعية وآفاتها..كالإدمان على المخدرات, وشرب الكحول وفيروس نقص المناعة, والسمنة... إلخ.
) وأمام هذا الرصيد الانضباطي والأخلاقي والإنساني.. للنجم النموذجي (كرستيانو رونالدو).. دعونا نتساءل عن واقع مجتمعنا الرياضي تحديداً.. وبشيء من الحسرة والمرارة.. كم لاعب ما زال يهرول ما بين مضمار شرب الخمور وشرب الشيشة..؟!! وكم من نجم كتب نهايته المبكرة بعد سقوطه في براثن هذه المؤثرات الخارجية وآفاتها المدمرة للقيم والصحة والأصالة الفكرية؟.. وكم من حالات مماثلة غادرت ساحة النجومية (سريعاً) وعلى طريقة سوبر نوفا..!! بسبب هشاشتها الفكرية, وضعف ثقافتها الاحترافية ووعيها الرياضي..!؟ وكم.. وكم.. وكم شخّصت مقالة الزميل الأستاذ «محمد العبدي».. الشهيرة (إنهم يشربون)..!! التي تناولها قبل سنوات وصاحبها ردود أفعال عنيفة.. هزت الرأي العام الرياضي.. وكشفت واقع المشكلة بعمق مهني, ورؤية مستنيرة, دون حراك أو تفاعل من المؤسسة الرياضية, ومواجهة هذه الأزمة الأخلاقية وعلاجها قبل استفحالها.. عبر تنظيم الندوات العلمية والملتقيات الثقافية وإقامة ورش العمل بثوبها الإعلامي.. بالتعاون مع المؤسسات الاجتماعية المختصة.. تتناول مخاطر وإرهاصات هذه المؤثرات الخارجية على صحة وسلوك وفكر اللاعب, وعلى البناء الرياضي والاجتماعي بشكل عام, وحتى الأندية الرياضية ما زالت (عاجزة) عن تعزيز دورها التنويري الذي ينبغي أن ينطلق من شعارها (الثقافي والاجتماعي).. وتسجيل أروع الأهداف التوعوية..كما سجل الأسطورة «كرستيانو رونالدو» هدفه الأفضل في مرمى (الوعي الرياضي)..!!