لا يزال جاري الأعمى الذي فقد بصره في حادث سير يُحمِّلني المسؤوليات الجسيمة كل يوم، ورغم عمره الذي يزيد على السبعين فهو لا يحب الراحة، بل يردد دوما (الشباب في القلب لا في العمر) وقد طلب مني إيصاله إلى صالة عرض للصور الفوتوغرافية واللوحات التشكيلية ثم بعدها إلى دار السينما وبقيت أشرح له كل صورة وكل لوحة زيتية بكل تفاصيلها بحيث يتخيلها ويبتهج بكل صورة ثم غادرنا الصالة - بعد أن أعجبته لوحتان اشتراهما كنت قد شرحت محتواهما - إلى دار السينما، وهناك بقيت أشرح له أحداث الفلم وأصف له محتويات الأحداث من أثاث وملابس وكل شيء، وأما الفلم ففتاة في العشرين ربيعاً تعمل مذيعة للمسابقات الرياضية ولكنها تسقط عن دراجتها النارية وتتعرض لتمزق في حبالها الصوتية في الحنجرة وتُجرى لها عملية جراحية اشترك فيها فريق من الأطباء، وأخبروها بالخبر الأليم بأن صوتها سيعود إليها في مدة لا تقل عن ثلاث سنين ثم إنها تألمت كثيراً إذ فقدت وظيفتها ولكن زميلة تدرس علم النفس ساعدتها كثيراً فتمكنت من إعادة الثقة إليها، وتتوالى أحداث الفلم الشيقة وتتحول بمساعدة زميلتها إلى عمل مضيفة في طائرة تجارية تتسع لثلاثمائة مسافر ومسافرة، ثم تهبط تلك الطائرة في غابة موحشة تصرخ وتعوي فيها الذئاب البيضاء، ويحترق جانب من تلك الغابة، وتندفع المضيفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرانب الصغيرة والحملان والأوز والبط.
كان الفيلم قد أعجب صديقي الأعمى وأصرّ على مشاهدة الفيلم مرة أخرى في الليلة المقبلة وشعرت بمرارة وتبلّد وكسل.