إنّ أكبر خطر يواجه شبابنا هو الاتّباع الأعمى لما يسمعون أو يشاهدون أو يقرأون، دون تحليل واعٍ للمادة المطروحة أمامهم، على الرغم من أنهم نشأوا في ظل قرآنٍ وضع مُنزِّلهُ جلَّ وعلا للعقل القيمة الأهم، فأمرنا بالتدبر والتفكّر والتعقّل، وهو حين يريد أن يعظنا، يستخدم سبحانه أسلوب تحفيز الرؤية: أرأيت؟! ألم ترَ؟! في حين أننا مغرمون بالتلقين وبحشو عقول أبنائنا وطلبتنا وكل من لنا أو ليس لنا سلطة عليهم، بما يلذ ويطيب لنا، من التغييب.
اليوم تمر الأمة كلها بمنعطف هو الأخطر في تاريخها. ولم نصل لهذا المنعطف، إلا بالجهود الجبارة لهؤلاء الملقنين المغيبين للعقول، والذين نجحوا باستخدام الدين، في تغييب القدرات التي أمرنا الله بتوظيفها بهدف رفع شأن أمتنا بين الأمم التي تتربص بنا. وليس صدفة أن تتفق الأنظمة السياسية مع هؤلاء المغيِبين، ففي غياب العقول، تجد تلك السياسات مرتعها الأجمل.
السؤال الذي يشغل ما تبقى من عقول:
- هل تبقّى ما يمكن إنقاذه؟!
أظن أن اليأس المطلق غير وارد، كما أن الوصول للمرض، يسهّل العلاج، شرط أن يعترف المريض بالمرض. والخوف كل الخوف، أن يواصل أولئك الذين أدمنوا الاتباع اتباعهم، وأن يستمروا في بيع عقولهم بأرخص الأثمان، حينها، سنفقد ذلك القليل المتبقي، وسنقول بعدها:
- ليت الذي جرى، لم يكن!!