|
قبل فترة ليست بالقصيرة حيث وجهت لي صحيفة (البلاد البحرينية) سؤالاً ضمن استطلاع قامت به بمناسبة زيارة خادم الحرمين الملك عبدالله لمملكة البحرين ـ والذي نشرته يوم الأحد 18 أبريل 2010 م ـ والسؤال هو: « ما رأيك حول العلاقات السعودية البحرينية من منظور ثقافي..؟ وما المشتركات الثقافية بين المملكتين في جوانب المعرفة والأدب والتبادل الحضاري..؟ « كتبت لها آنذاك: المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين دولتان ضمن المنظومة الخليجية وثمة عوامل مشتركة عديدة بينهما، وفي شتى مجالات وعلى صعد مختلفة منذ زمن بعيد ولا يخفى على أحد أن الساحل الشرقي من السعودية وجزيرة البحرين كانا يعرفان قديماً بـ « البحرين أو هجر أو الخط أو الإحساء « ومن هذا الإطار تتضح القاعدة الفكرية والثقافية المشتركة من زمن ماضي بعيد، ولذا نلاحظ العلاقات بين البلدين متداخلة في أطر وبآليات عديدة وقد ترسخت هذه العلاقات ووصلت إلى درجة جداً عالية وبفلسفة العصر. والثقافة السعودية البحرينية متأصلة نتيجة الجذر التاريخي والجغرافي المشترك، وإن كان في الآونة الأخيرة قد تفردت كل بلد بخصائص خاصة تتميز وتتفرد قليلاً عن الآخر وفقاً للطفرة العالمية في التكنولوجيا والوسائل الحديثة ومدى درجة الانفتاح على العالم الخارجي ومدى ارتفاع سقف الحرية.. ورغم تلك الطفرات التي يواكبها الشعبان وما بها من تفرد وشبه اختلاف تبقى الهوية الخليجية والجذر التاريخي متواجداً وبقوة، وإن مر بعواصف ثقافية مختلفة!
ويمكنني بل أجزم أن العلاقات الثقافية بكل ما تحمله من رؤى وفلسفة وتمايز تبقى متينة وعميقة، ويعطر هذا الأمر مدى المشاركات الأدبية بين الأدباء والمثقفين والمبدعين في فعاليات أدبية وثقافية متفاوتة ومختلفة وإن كانت قليلة وعلى مستوى محدود، ولا ندري لماذا هذا الشح رغم العلاقة المتميزة بين البلدين فالبحرين بلد غني بالإبداع (شعر - قصة - رواية - مسرح - نقد - موسيقى ) في جميع صنوف الأدب والفكر والثقافة وكذا المملكة العربية السعودية. وآمل أن يكون هنالك تبادل أقوى مما هو الواقع..؟ لماذا لا يكون هنالك تبادل نتاج إبداعي وثقافي بين المهتمين بشكل أكبر، وبالتالي ينعكس ذلك على النمط الحضاري وما لهذا من أهمية بالغة في هذا الجانب على مستوى الفرد المثقف والدولة؟
ونأمل أن تكون هنالك علاقات أدبية تعكس الغزارة الأدبية بين البلدين وفق إستراتيجية معينة بعيدة كل البعد عن الشللية التي أخذت للأسف في الانتشار وأصبحت فيروساً، وخاصة في الآونة الأخيرة، وهذا لا يعنى أنه لا يوجد فعاليات أدبية وثقافية وفي مجالات أخرى بين البلدين، ولكن نود المزيد وفي إطار يخدم المبدع والمثقف السعودي والبحريني، وإتاحة الفرصة أكبر للإطلاع والتزود بالإنتاج الأدبي والمعرفي والثقافي وقد يكون ذلك بإنتاج مجلة أدبية ثقافية ولذا ومن هذا المنبر أهمس في أذن مسئولي البلدين في هذا الشأن ومن بيدهم أخذ القرار أن تكون هنالك « مجلة مشتركة» تحمل وتتضمن إبداعات وثقافة البلدين عن قرب وفي المتناول.. والمؤسسات الأدبية السعودية والمؤسسات الأدبية والثقافية البحرينية لابد أن تأخذ آلية مشتركة في خدمة المبدع والمثقف السعودي والبحريني من خلال إتاحة الفرصة في الفعاليات والمشاركات الأدبية والثقافية والمعرفية بشكل مستمر ولا تقتصر على أسبوع كما هو متبع، وهذا له دور أساس في نقل الثقافة والفكر والأدب بين البلدين وهذا لا يعنى عدم وجوده ولكن نود كثافته وتميزه. ولا يخفى أن كلا البلدين غني بالأقلام والفكر، والعلاقة الأخوية والصداقات الحميمية بين الأفراد والشعبين ومدى استفادة المهتمين ينعكس إيجابا في النتاج الأدبي والثقافي ويظهر جلياً فيما نشهده من حضارة تحمل هوية البلدين مع احتفاظ كل بلد بهويته الخاصة به.
Albatran151@gmail.com