حدث خلال أيام وليالي الشهر العظيم ما لا يمكن تحميل مسؤولية حدوثه شياطين الجن دون غيرها، كانت الأخبار تنقل تفاصيل أحداث يخجل المواطن أن يسمعها وهو يعيش روحانية الشهر المبارك ويسابق الزمن لرصد المزيد من الأجر والحسنات، ويتحرى قيام الليلة الشريفة العظمى لينال شرف القبول والعتق من النار، فإذا به يصدم بهذه الأحداث المؤسفة في كل أنحاء المملكة، والأكثر إيلاماً ما كان يحدث في المدينتين المقدستين وقرب الحرمين الشريفين بل في أروقتهما وبين المصلين والساعين الطائفين، مخجل أن يحدث هذا ممن ينتمون لأمة محمد الهادي الأعظم وفي مسجده وحول أستار الكعبة الشريفة، في كل المحافظات حدث ما لا يرضي سواء من مواطنين أو مقيمين، مسلمين وغيرهم، وهؤلاء الغير لا يعفون من جرم اقتراف المحرّمات في رمضان فهم قدموا إلى بلد المقدسات ويعلمون أنهم في الشهر الفضيل عند المسلمين فلم يرعوا حرمة المكان ولا الزمان، وكيف تطمع ممن أدمن الإجرام في بلده وتسلل إلى بلادنا تهريباً أن يحترم ديناً أو عرفاً أو يلتزم بأي قانون؟! وكيف يتفكّر مثل هذا بمعنى الحديث الشريف الذي يخبر أن شياطين الجن تصفّد في رمضان ولم يصنف نفسه من أي نوع هو، قبل الحديث عن أقوال العلماء في (تصفيد الشياطين)، سأورد أمثلة مما تناقلته الصحف من جرائم في رمضان: شاب متزوج ومتعلم يخطف حدثًا في نهار رمضان بمحافظة جنوبية وبعد فعل الفاحشة به يتركه بين الجبال، (مفحطون) بالسيارات مفطرون بنهار رمضان متعاطون للمخدرات وبحوزتهم أسلحة، إحصائية رسمية لافتة بأعداد المهربين والمتسللين والأسلحة والمخدرات المهربة إلى داخل المملكة في رمضان فقط أمر يدعو للقلق بشكل عام، مع تسجيل كل التقدير لرجال الأمن والمكافحة، وتغريم عدد من شركات السيارات لم تلتزم بتعهداتها للزبائن، ومحل اتصالات بمدينة جنوبية يخدع الزبائن بعروض وهمية، فجر العيد مضاربة بين شباب بالطائف بينهم 13 مسلحاً وتسجيل إصابات، وعن الوافدين فهناك جملة من الأخبار التي لا تنتهي منها: 27 رمضان القبض على إفريقي يدير عدة مصانع للخمور في الأودية، ليس مصنعاً واحداً بل مصانع!! وعدد من الوافدين المخالفين يقدّمون على سرقة محافظ النساء أثناء صلاة التراويح، وقد يتساءل المرء عن معنى حدوث الجرائم والمحرّمات والناس صيام وقيام يتعبدون الله خاشعين له قانتين، وكيف يتسق هذا مع ما ورد عن تصفيد الشياطين؟ فقد قال العلامة ابن عثيمين في هذاالمعاصي التي تقع في رمضان لا تنافي ما ثبت من أن الشياطين تصفد فيه، لأن تصفيدها لا يمنع من حركتها، ولذلك جاء في الحديث: “تصفد فيه الشياطين، فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غيره” وليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبداً، بل هي تتحرك، وتضل من تضل، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره، ومما قال الشيخ ابن جبرين في (القول المعين): إن ذلك يختص بإبليس وذريته فإنهم الذين يغوون الإنس، أما الجن والعفاريت والمردة منهم فالظاهر أنهم لا يدخلون في التصفيد فإنهم كشياطين الإنس المكلفين بالأمر والنهي وفيهم الصالح ودون ذلك فلا يعمهم ما ذكر من الغل في رمضان.
t@alialkhuzaimIbrturkia@gmail.com