بدأ تطبيق قرار رفع تكلفة العمالة الوافدة اعتباراً من بداية السنة الهجرية الجديدة، حيث ستتكلّف الشركات السعودية رسوماً سنوية عن كل موظف وافد في حال كانت النسبة أقل من خمسين في المئة للعمالة السعودية.
والواقع أن المعالجة التي توخاها القرار غير واقعية وغير منصفة في ظل واقع سوق العمل الذي لا يوفر عمالة سعودية بمواصفات تشغيلية لافتقارها لمتطلبات العمل إلا إذا كان القصد منه دعم صندوق “حافز” وصندوق الموارد البشرية.
فالموجود في سوق العمل من العمالة الوطنية إما عمالة:
1 - من ذوي المؤهلات العليا وإن كانت قليلة الخبرة إلا أنها تفضّل أن تلتحق بالوظائف الحكومية لما توفره من مزايا أهمها الراتب والعلاوة الدورية والدوام الواحد والإجازة الأسبوعية والأمان الوظيفي. وإذا قبلت العمل في القطاع الخاص فإنها لا تقبل إلا لمدة محددة لحين حصولها على وظيفة رسمية في القطاع الحكومي، ومع ذلك تميل إلى العمل السهل ذي الأجر العالي والمزايا العديدة.
2 - من ذوي المؤهلات المتوسطة الفنية والمهنية وهؤلاء، ومن خلال التجربة اتضح أنهم يحتاجون إلى تدريب عملي للتأهيل لسوق العمل؟ وهم أيضاً يفضّلون العمل الرسمي لما يحققه من أمان وظيفي براتب عال، وعلاوة دورية، وخمسة أيام عمل، وفترة الدوام الواحدة. وإن تقدّموا للعمل بالقطاع الخاص لا يتقدّمون إلا خلال فترة الانتظار للوظيفة الحكومية.
ج - من ذوي المؤهلات الثانوية العامة أو المتوسطة أو الابتدائية أو ممن يجيد القراءة والكتابة، أو من المتقاعدين وهم الأغلبية وهؤلاء هم من يتردد على مكاتب العمل لطلب الوظائف، وهم لا يستمرون في أعمالهم إلا لفترة قصيرة تحت تأثير ظروف العمل (وقت العمل - بيئة العمل - صعوبة العمل - المردود المالي للعمل). ويُضاف إلى ذلك ثقافة المجتمع التي تنظر إلى بعض المهن نظرة دونية.
إن هذا القرار لن يجعل كلفة العمالة الوافدة مكلفة فحسب، بل سيجعل كلفة المعيشة للمواطن أكثر كلفة ويرفع أسعار المنتجات والسلع والخدمات محققاً بذلك التضخم بزيادة السعر وضعف القوة الشرائية للعملة. والحالة التي يمكن فيها القبول بمقولة: (أن القرار سيزيد من الميزة التنافسية للعمالة الوطنية) ستحقق عندما تكون هذه العمالة في مستوى العمالة الوافدة من حيث الأداء، والانضباط الوظيفي.
إن المعالجة لمشكلة البطالة لن تنجح إلا في ظل سوق تحكمه عوامل العرض والطلب دون تدخل، مع تحديد إصدار تأشيرات العمل وحصرها في أضيق نطاق.
kbatarfi@gmail.com