غفر الله للشيخ الدكتور سعود الشريم؛ إمام وخطيب المسجد الحرام؛ الذي تناول في خطبته أحد أهم الموضوعات حساسية وأهمية للمواطنين، وإن كانوا منشغلين عنها، أو غير مكترثين لأهميتها؛ فبعض النعم الظاهرة يُعرِض الإنسان عنها، فلا يعرف قيمتها إلا بعد فقدها، لا قدر الله.
فضيلة الشيخ الشريم أكد على أن « الاستقرار نعمة كبرى يمن الله بها على عباده، في حين أن فقدانه بلاء وامتحان «؛ وأحسب أن الاستقرار السياسي يشكل القاعدة التي يُبنى عليها الاستقرار بمعناه الشامل؛ والمُحقق لكرامة العيش ورغده، والتطوير والتنمية والرقي والبناء. فضيلة الشيخ الشريم تحدث عن «الفوضى الخلاقة» وهو مصطلح أطلقته وكالات الاستخبارات الغربية لمشروع تفتيت الدول الإسلامية، وعلى رأسها دول الخليج، وطالما أن دول الخليج الغنية تأتي على رأس الهرم، فقد عمد خبراء الشر والخديعة على تفتيت القاعدة لضمان سقوط القمة دون عناء، وهذا ما يحدث في الوقت الحالي. إستراتيجية «الفوضى الخلاقة» قائمة على هدفين رئيسين؛ هدف مُعلن وآخر خفي؛ أما المعلن فهو تحرير الشعوب، وإعطائهم حقوقهم السياسية، وتحقيق الديمقراطية؛ أما الهدف الخفي فهو السيطرة على مقدرات الشعوب وإرجاع الاحتلال الغربي من بوابتي الاقتصاد، والتبعية الثقافية والاجتماعية وبما يضمن إحداث التأثير الأكبر في المعتقدات الدينية.
«الفوضى الخلاقة» لا ينتج عنها إلا الفوضى، فالمشكلات تُعالج بالحلول، والسقام يُبرئه الدواء لا السموم، ونتائج الفوضى الخلاقة المُدمرة واضحة في العراق، وفي ليبيا، وستتضح بشكل لافت مستقبلا في مصر، حتى بعد انتخاب الرئيس.
الاستقرار الأمني والسياسي مفتاح الحلول الناجعة، ومن أهم مقومات الاقتصاد والتغيير والتطوير والبناء، بل من المقومات الرئيسة الحافظة للدين والعرض والنفس والمال؛ وأحسب أن ما ننعم به من خير وبركة مرتبط ارتباطا وثيقا؛ بعد فضل الله وبركته، بالاستقرار السياسي والأمني؛ الذي يُعتبر استقرار الحكم أساس له.
بعد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز؛ رحمه الله؛ ركزت القنوات الغربية كاميراتها على السعودية تحسبا للفوضى التي توقعوا حدوثها؛ خيب الله ظنهم؛ وانتقلت ولاية العهد بسلاسة إلى الأمير نايف بن عبدالعزيز؛ رحمه الله؛ وبعد وفاته روج كثير من الحاقدين تقارير متشائمة عن الحكم السعودي؛ كانت مليئة بالأمنيات لا الحقائق؛ فخيب الله ظنهم، وانتقلت ولاية العهد بسلاسة إلى الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ الذي تهافتت عليه الوفود لمبايعته في لوحة معبرة عن استقرار الحكم، وثقافة الولاية في المملكة.
الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع؛ ركن من أركان الدولة وقادتها النجباء، جمع بين السياسة والإدارة والحكمة والأدب والتأريخ والإعلام؛ والمعرفة بمكونات المجتمع وهمومه؛ وهو من الخبراء في التعامل مع القبائل التي تشكل جزءا مهما من النسيج الاجتماعي؛ بحثت عنه الولاية ولم يبحث عنها؛ وساد بتعيينه الارتياح والقبول في الداخل والخارج وهو دليل على حسن الاختيار.
الاستقرار السياسي هو أساس الاقتصاد، والبناء، والتطوير، والرقي، وما حدث من تنمية اقتصادية شاملة في المملكة كان نتاجا لاستقرار الحكم فيها؛ وبما يرد على إستراتيجية «الفوضى الخلاقة» التي صنعها الغرب بأيادي صهيونية وضعت نصب أعينها مصالحهم الخاصة قبل مصلحة أميركا، والدول العربية.
نهنئ سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز على الثقة الملكية باختياره وليا للعهد؛ وتعيينه نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع، سائلين الله العلي القدير أن يمن عليه بالتوفيق والسداد؛ و أن يحفظ هذه البلاد وولاة أمرها وشعبها من كل شر.
f.albuainain@hotmail.com