فقدت المملكة العربية السعودية حكومةً وشعباً رجلاً من أعز الرجال وأخلص الرجال وأحلم الرجال هو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية تغمده الله برحمته ورضوانه لقاء ما قام به من أعمال جليلة لدينه الحنيف وللشعب السعودي والأمة الإسلامية.

لقد تميز سمو الأمير نايف بصفة الحلم والحلم سيد الأخلاق وهي صفة يحبها الله ورسوله فقد امتدح الله واحداً من أهم رسله بسبب هذه الصفة في قوله تعالى {إنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} التوبة:114.

لقد تولى الأمير نايف رحمه الله خلال مسيرة عمره مناصب رفيعة في الدولة كان آخرها منصب ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فلقد أدار وزارة الداخلية وهي من أهم الوزارات السيادية في الدولة خير إدارة وكان خير خلف لخير سلف بعد أخيه الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي تولى هذه الوزارة من سنة 1382هـ 1962م إلى سنة 1395هـ 1975م ثم جاء بعده الأمير نايف -طيب الله ثراه- حيث تولى هذه الوزارة في فترة عصيبة كان للإرهاب والتطرف فيها نشاطاً ملحوظاً، حيث واجه سموه هذه الأزمة بالصبر والحلم والحزم، فقد قابل سموه ما قامت به هذه الفئة من أعمال تخريبية بمطالبتهم بنبذ أفكارهم المنحرفة والانضواء في مجتمعهم باعتبار من أبناء هذه البلاد فمن استجاب منهم فقد أفلح وهدى للطريق الصحيح ومن استمر منهم في غيه فقد قوبل بالحزم، حيث استطاعت وزارة الداخلية بهذه السياسة تحقيق النجاح في القضاء على التشدد والتطرف ونعمت بلادنا بعد ذلك بالأمن والاستقرار.

ومن مزايا سموه أيضاً محبته للمواطن السعودي وحرصه على مصلحته وبالذات الشباب الذين كانوا يرغبون في الالتحاق بركب العمل والإنتاج. ومن مزايا سموه أيضاً مناصرته لأهل الحق حتى يحصلوا على حقوقهم.

كما أن سموه أمَّن حدود البلاد بقوة ضاربة تتمثل في رجال حرس الحدود الأشاوس، فرغم مساحة بلادنا الشاسعة تمكنت هذه القوة بعون من الله عز وجل من التصدي للعمليات المشبوهة التي كانت تستهدف بلادنا.

وأخيراً فإن من مزايا سمو الأمير نايف -رحمه الله- مناصرته للسنة النبوية الشريفة ولحديث الرسول صلى الله علية وسلم عندما أنشأ جائزة لهذا الغرض تحمل اسمه الكريم وهي (جائزة الأمير نايف للسنة النبوية).

ومن مزايا سموه أيضاً وقوفه مع أهل الاحتساب في أداء رسالتهم بشرط أن يكون ذلك في حدود الوسطية التي يأمر بها ديننا الحنيف.

لقد أقام سمو الأمير نايف -رحمه الله- صرحاً أمنياً يعتز به كل مواطن، فبالإضافة لنجاح هذا الجهاز في القضاء على الإرهاب والتطرف حققت وزارة الداخلية نجاحاً كبيراً بإشراف سموه في محاربة المخدرات حيث واجهت الوزارة مهربي ومروجي المخدرات بالحزم والقوة، حيث تمكنت الوزارة من كشف الكثير من عمليات التهريب.

إن وفاة الأمير نايف حدث جلل، ولكن مما يخفف المصاب أن هذه سنة الله في خلقة فلقد مات الرسل والأنبياء والملوك.. والبقاء لله سبحانه وتعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ} سورة الرحمن الآيتان 26ـ27.

رحم الله الأمير نايف رحمة واسعة وجعله من المستظلين برحمته يوم لا ظل إلا ظله.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.