تساءل الناس وازداد القلق الذي اقترن بالمصاب الجلل في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله -، وهذا شأن الرجال الأفذاذ حين يفقدهم الوطن بحكمتهم وحنكتهم وقيادتهم ومواقفهم الراسخة والإنسانية التي تجمع القلوب والعواطف، وتولد الإحساس بالأمن والأمان، وحينما بدأ عدد من المفكرين والكتّاب يسبرون معطيات الواقع، ويفكرون في أحداث المستقبل والزمن القادم، وانتظر الجميع لحظة إعلان اسم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وكذا وزير الداخلية، لما لهذين المكانين من أهمية قصوى في أمن وطمأنينة المواطن وسلامة واستقرار الوطن، بكل ما تشمله كلمة الاستقرار من معانٍ سياسية واقتصادية واجتماعية، وما يتعلّق بذلك الاستقرار من استمرار مكانة المملكة العربية السعودية المحورية والفاعلة على الصعيدين العربي والإسلامي - الإقليمي والدولي، وعلى الصعيد المحلي أمن وطني أرسيت دعائمه وباتت نتائجه واضحة وضوح النهار ينعم به الوطن والمواطن في عصر تتلاطم فيه أمواج الصراعات، وتحاك وتدبّر الفتن من دوائر معادية تستهدفنا، وتتناثر الأفكار المشوّهة والمفاهيم الضالة.
ومع أنّ التوقّعات كانت تتنازعها أطروحات عدّة، إلاّ أنّ الرأي العام أو الرؤية الشعبية كانت ترشِّح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية.
وما إن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أيّده الله - الأمر الملكي السامي، حتى عمّت البشرى وغمرت القلوب واطمأنت النفوس، لتؤكد توحُّد وتوافق الرؤية الوطنية لجموع المواطنين مع توجُّه القيادة الرائدة الرشيدة، ومن نعم الله علينا - نسأل الله أن يديمها على مملكتنا الغالية - ووطننا العزيز، أنْ وهبنا رباط الود والحب والتوافق قيادة وشعباً، وتلك نعمة نعرف قيمتها ونؤدي شكرها إذا ما قلبنا النظر في الأحوال من حولنا، وما يحدث لدى شقيقاتنا من الدول العربية والأمة الإسلامية، فكم من الجدل يدور، وكم من الاختلافات تتبدّى، وكم من الصراعات تؤجّج، وكم من الكراهية المترتبة على الصراعات تستنبت؟ وكم من الآليات والأساليب تستبدع، وكم من المصالح تتعارض، وكم من الوقت يستهلك، وكم من الجهد الذي تحتاجه الأوطان يهدر؟ وكم وكم ..
ليس من السهل أن تُحصى نتائج هذه التساؤلات وانعكاساتها ودلالاتها وجروحها على البناء الوطني واللحمة الاجتماعية والوحدة الوطنية، والمسيرة الاقتصادية والتناغم الفكري والتفاعل والانسجام، ليحل محلها انقسامات في الرؤى وتناقض في التوجُّه لا يعلم مداها ولا تأثيرها على المستقبل إلاّ الله جلّ في علاه.
بتوفيق الله ثم بفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمدّ الله في عمره، ونهج قيادته الرشيدة وحبه لشعبه وحرصه على مصلحة المواطن ورخاء الوطن وازدهاره ورقيه الحضاري الدولي، تمكّن حبه في قلوب المواطنين فلم ولم ينس الناس مقولته «مادام أنتم بخير أنا بخير» فلا أهم ولا أغلى ولا أعزّ على الوطن من توافق بين قيادات الوطن ومسؤوليه .. هنيئاً لنا ولوطننا، لحاضرنا ومستقبلنا لأمننا وأماننا بوحدتنا وقيادتنا، والله نسأل أن يديم علينا نعمه وأن يحفظ بلدنا من شرور الفرقة وفتن الجدل والخلاف، وأن يطيل عمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويوفق ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ويرعى صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وزير الداخلية.
دمت عزيزاً يا وطني
دمتم وإلى لقاء والسلام.