رحم الله الأمير عاش مجيدا ومات حميدا. والحمد لله الذي أخلفنا خيرا في بلادنا وأحسن لنا العزاء في وحدة الوطن وتمام أمنه. «إلى مثلِ ما كانَ الفتى مرْجعُ الفتى يَعُودُ كمَا أُبْدَي ويُكرِي كما أرْمَى» فالرجال تموت، ومات عليه السلام ومات أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فما كان الموت قط معيبة لمن مات حميدا وعاش مجيدا. وما أحسن محبي الراحل إليه في شيء كإحسانهم إليه في وحدتهم واتفاقهم والقيام برسالته التي عاش من أجلها، أمن البلاد ووحدة الوطن.
«وَأَنتُمُ نَفَرٌ تَسخو نُفوسُكُمُ بِما يَهَبنَ وَلا يَسخونَ بِالسَلَبِ» رحم الله الأمير كان سخيا سمحا في كل ما دون حمى بلاده، ولكنه صارما شحيحا على من أراد أن يسلب الوطن سيادته أو استقلاليته أو أمنه أو استقراره. وقد رأيت الثقافة المتأصلة في وزارة الداخلية من الحرمان والمنع الصارم للأجانب -وعلى رأسهم أمريكا- من الاطلاع أو التدخل في الشؤون الأمنية أو الداخلية أو المالية للبلاد. ولعلنا البلد الوحيد الذي يتمتع بمركز محترم دوليا وهو لا يعطي حق الاطلاع المطلق على المعلومات الداخلية مهما كانت، كما هي الاتفاقيات التي خطها الأمريكان وخضع لها العالم خضوعا مطلقا ما عدا بلادنا، وقد لمست هذا أثناء عملي في وزارة الداخلية فترة وجيزة - بعد عودتي من بعثتي للدكتوراه التي كانت بناء على رغبته -رحمه الله- في إكمال دراستي العليا في أمريكا-..
ما مات الأمير ما عاش أخوته رجل واحد، فهم الملوك اليوم وليس الملوك كالملوك «حَلَلتُمُ مِن مُلوكِ الناسِ كُلِّهِمِ مَحَلَّ سُمرِ القَنا مِن سائِرِ القَصَب». وإنما يحمي الوطنُ المُلك كما يحمي المُلكُ الوطن فهما واحد لا يتجزأ، وما الوطن إلا أهله الذي يعمره ويسكنه من الرجال والنساء والأطفال، فالله الله لا يُساء للأمير رحمه الله بالإساءة للوطن كما لا يساء للأمير بالإساءة للمُلك.
hamzaalsalem@gmail.comتويتر@hamzaalsalem