هذه الكلمة جمع كلمة (تسهيل) مثل تكليف وتكاليف، ولعل الأفصح أن يقال: تسهيلات. هذه الكلمة نسمعها كثيراً من الناس خصوصاً إذا تيسرت لهم أمور شاقة، كرحلة الحج عموماً، أو رمي الجمار، أو الطواف، أو نحو ذلك مما يكون في الحج.
وتقال -أيضاً- عند تيسر أي أمر من الأمور.
وتقال -كذلك- إذا تيسر أمر لم يكن بالحسبان.
ولا ريب أن الله -عز وجل- لطيف بعباده، وأنه ييسر لهم أمورهم، ويرزقهم من حيث لا يحتسبون.
ولكن مراعاة السنن الإلهية مطلوب شرعاً وعقلاً؛ فتلك السنن لا تحابي أحداً كائناً من كان، والتفريط في الأخذ بها نقص وإخلال، وقد يودي بالإنسان إلى المعاطب، أو في الأقل إلى تعطيل المصالح.
والذي يلاحظ في هذا الشأن أن بعض الناس يُقَصِّر في الأخذ بالأسباب، ويسير في أموره سيرَ غير ذي الرشد؛ فإذا سافر إلى مكانٍ ما، أو أراد القيام بعمل من الأعمال - لم يقم بما يلزم القيام به من ضبط المواعيد، وأخذ الأهبة، وحَزْم الأمر، بل تراه مُفَرِّطاً في ذلك أشد التفريط، تاركاً الأمر للمفاجآت، معتمداً على تيسير الله وتسهيله -كما يزعم- ناسياً، أو متناسياً، أو جاهلاً أن سنن الله لا تحابي أحداً، وأن الأخذ بالأسباب من أخص خصائص الإيمان بالقدر، ومن أعظم أركان التوكل على رب الأرباب ومسبب الأسباب. مثال ذلك ما تراه عند بعض الناس في السفر؛ حيث لا تراه يبادر إلى حجز التذاكر في الطائرة في وقتٍ مبكر، ولا يبالي بقرب الموعد دون استعداد له؛ فيكون على موعدٍ مهم، أو على رغبة في السفر في ساعة معينة دون أي استعداد لذلك؛ فإذا قرب الموعد بدأ القلق يساوره، وصار يتصل بفلان وفلان بحثاً عن مخرج لتلك الأزمة؛ فإذا حصل على مراده، قال: تساهيل. وإلا فالأغلب أنه يعاني هو من معه أشد المعاناة، ويبذل ماء وجهه عند أمور كان في غنى عنها.
ولو أنه استعد لذلك بالوقت الكافي لسلم من ذلك الحرج.
نعم قد تمر بالإنسان حالات مفاجئة، أو يقع في خلل غير مقصود في نحو موعد سفر أو غيره؛ فههنا لا يلام على ما يحصل من خطأ، ولا تثريب عليه إن بحث عن مخرج؛ فالخطأ وارد، والأمور تحكم حكمها في بعض الأحيان؛ فإذا رغب من غيره مساعدته في حل أزمته الحاضرة فلا بأس في ذلك؛ فللضرورات أحوال تشفعها، وللمروءات وقتها الذي لا ينبغي التخلف عنه. أما أن يكون ذلك دأب الإنسان في كل أحواله - فذلك هو الداء الذي أعيا من يداويه.
* جامعة القصيم