|
الجزيرة - د. حسن الشقطي:
بتمكن الحزب الديمقراطي اليوناني الجديد الداعم لخطط الإصلاح المقدمة من الدول الأوروبية من الفوز بالانتخابات اليونانية.. وباتضاح الصورة في إسبانيا.. تكون قد طُويت نسبياً مخاوف الانتظار بالأسواق الخليجية.. وتعتبر تداولات المؤشر السعودي خلال الأسبوع من قبيل تداولات الاستقرار، مع ميله للصعود.. وقد أظهرت السيولة نوعاً من الحيرة والتردد نتيجة عدم وضوح الرؤية تماماً.. ورغم أن السوق مقبل على فترة إعلان نتائج أعمال الشركات للربع الثاني خلال الأيام القليلة المقبلة.. ورغم أن هذا الربع غالباً ما تكون نتائجه أفضل من الربع الأول، بطبيعة حركة النشاط التي تزداد خلال شهور الربيع - الصيف، إلا أن تراجع أسعار النفط نسبياً خلال الفترة الأخيرة قد يلقى بظلاله على قطاع البتروكيماويات.. وبالتالي، فالآن البورصات الغربية تعتبر في مرحلة اضطراب نسبي وعدم استقرار، في المقابل هناك استمرار في ضعف أسعار النفط.. ثم هناك محددان محليان لمؤشر السوق المحلي، هما: الإعلان عن نتائج أعمال الشركات للربع الجديد، ثم بدء دخول المؤشر في مرحلة الإجازة الصيفية التي ستلتحم بدخول شهر رمضان، ثم العيد.. وخلال كامل هذه الفترة فالمؤشر يتوقع أن يكون في حالة خمول «لا جديد» فلا يتوقع أن تكون هناك محفزات قوية؛ وبالتالي فما لم يستجد من مؤثرات سلبية فإن المؤشر يتوقع أن يستمر بحالته الحالية «الاستقرار».
التقليد في سوق الأسهم
يخضع السوق المحلي لحالة من التقليد؛ حيث إن طرح شركات تنتمي لنشاط معين غالباً ما يتبعه شركات عديدة تنتمي للنشاط نفسه.. فعلى سبيل المثال شركات البتروكيماويات جاء طرحها وإدراج عدد منها بشكل متوالٍ.. أيضاً شركات التأمين - باستثناء التعاونية - جاء طرحها خلال فترة متتالية وقصيرة.. حتى رغم معرفتنا بأن هناك نظاماً حكم تأسيس هذه الشركات.. أيضاً شركات الأسمنت التي طرح منها ثلاث شركات خلال عامين تقريباً.. ثم جاءت شركات الاتصالات متتالية (باستثناء الاتصالات السعودية).. لذلك، فالشاهد أن هناك نوعاً من التقليد أو الانتباه لقطاعات أو أنشطة معينة عندما يستثمر فيها البعض. والتقليد هنا يعتبره البعض ضماناً لتقليص حجم المخاطرة، فالبعض يعتبر الاستثمار أو تأسيس شركة مساهمة في نشاط جديد لم يتم تأسيس شركات كبرى فيه من قبل هو من باب المغامرة الكبيرة والمخيفة.. رغم أن تأسيس شركة في نشاط يوجد به منافسون كثيرون هو في الوقت نفسه نوع من المغامرة؛ لأن الشركات الجديدة قد لا تتمكن من منافسة الشركات القديمة التي تأصلت وامتلكت الحصص الكبيرة في السوق.
شركات التعليم والصحة..
الفرص الاستثمارية الغائبة
تمتلك وزارة المالية برنامجاً متخصصاً لتمويل المشاريع التعليمية والصحية، وتقدم في سياق هذا البرنامج مبالغ ضخمة تصل لمجمع المدارس إلى ما يناهز 25 مليون ريال، وتصل لتمويل جامعة تضم خمس كليات جامعية إلى نحو 200 مليون ريال.. في حين تصل القروض الموجَّهة لتمويل المستشفيات إلى ما يزيد على 200 مليون ريال. وحسب إحصاءات بعض المكاتب الاستشارية فإن هناك عدداً كبيراً من الطلبات يتم تقديمها سنوياً لوزارة المالية من قبل مستثمرين سعوديين للحصول على هذه القروض، بل يشير البعض إلى أن طابور الانتظار يعتبر طويلاً في انتظار الحصول على التمويل، خاصة أن البت في تمويل هذه المشاريع يخضع للعديد من الاشتراطات والمواصفات؛ وبالتالي يستهلك بعض الوقت.. إن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يميل المستثمرون للحصول على القروض، وتضعف ميولهم إلى تأسيس الشركات؟ إن أعداد المتقدمين للحصول على قروض في السوق المحلي هي أعداد كبيرة للغاية، ومن الشرائح كافة ولمئات الأنشطة الفرعية، ليس فقط لقروض وزارة المالية، ولكن بالنسبة للجهات التمويلية كلها.. في المقابل نجد أن الميل لتأسيس شركات مساهمة يأتي بأعداد قليلة وليست بالعدد نفسه..إن التمويل بالقروض له بريقه ويعتبره البعض سهلاً، والسيولة لها إغراءاتها.. ولكن تأسيس الشركات المساهمة رغم أنه أيضاً يجلب قدراً كبيراً من السيولة، ولكن قد يكون هناك فهم أو وعي أقل لطبيعة تأسيس الشركات المساهمة ودورها في تمويل الشركات، في مقابل الاعتياد على سهولة الحصول على قروض. ومن جانب آخر، فإن الأمر المستغرب أنه تقل أعداد الشركات المدرجة بالسوق والمتخصصة في التعليم والصحة، رغم جاذبية هذين القطاعين بالسوق السعودي، فخدمات التعليم والصحة من الخدمات ذات الطلب الكبير، وهي من الخدمات التي تُعتبر ضرورية، بمعنى أن المستهلك لا يفاضل بين الحصول على الصحة أو عدم الحصول عليها، بل إنه مضطر للحصول عليها مهما كان سعرها، وكذلك الحال بالنسبة للتعليم. وحتى الآن يمكن القول إن هذين النشاطين لم تظهر فيهما كيانات لشركات مساهمة ضخمة، بل إنهما من القطاعات النادرة للشركات المساهمة رغم أن شكل الشركات المساهمة هو الأنسب لتأسيس شركات متخصصة في مجمعات المدارس ومجمعات الكليات أو المستشفيات، خاصة عندما تنشئ لها فروعاً مستقبلاً. أيضاً رغم وجود العديد من الجهات الخدمية أو المجتمعية الفاعلة بالسوق المحلي، وأهمها الغرف التجاريةبتنسيق الفرص الاستثمارية، إلا أن تنسيق هذه الفرص وتحديد أفضلية مساراتها التمويلية في قطاعي الصحة والتعليم، والتوعية بالخيارات الأنسب للمستثمرين لا يزال يحتاج المزيد من الجهود. كما أن الشركات المالية التي ظهرت في سباق الوساطة المالية بالسوق لم تقدم حتى الآن تقارير أو توصيات مالية يمكن الاعتداد بها في إعادة توجيه المستثمرين في المسارات الاستثمارية الصحيحة. ويُعتبر السوق المحلي مليئاً بالفرص الاستثمارية بعشرات المئات من الأنشطة والتخصصات، ويوجد به أكثر من عشرين مساراً وتمويلاً، ويوجد به آلاف المستثمرين من ذوي الملاءة والجدية، إلا أن الكثيرين يفتقدون للنصح والإرشاد في تحديد الفرص الأنسب واختيار المسار التمويلي المناسب. إن سوق الأسهم يُعتبر أكثر مناسبة لتمويل المشاريع الخدمية، وعلى رأسها التعليمية والصحية.. ومن غير الصحيح ما يعتقده البعض بأن الشركات المساهمة خيار مناسب لتمويل الشركات الصناعية أو المصانع.