(يُقال) والله وحده أعلم (بصدقية) ما يُقال أو (عدم صدقية) ما يقال، أما البشر فإن (ما يُقال) يندرج لديهم عادة تحت مفهوم (الظن) لا أكثر. وبما أن بعض الظن إثم، ما لم ينفه اليقين فإن (الظّان) بما يقال ولا يملك ما يؤدي به إلى اليقين فإنه عادة ما يطرح التساؤل البريء حول التثبّت مما يقال والتخلص من (بعض) إثم الظن متوجهاً بتساؤله لمن بمقدورهم نفي أو إثبات ما يقال وتبديد الظن بجلاء الحقيقة أو تأكيد أن الظن هو مجرد ظن لا أساس له من الصحة. ولعل أصعب ما (يُقال) وأقسى أنواع (الظن) هما ما يتعلقان بمصلحة المواطن والوطن. فالمواطن -مثلاً- إذا سمع (ما يُقال) عن فساد ما في دائرة يضر فسادها بمصلحة المواطن والوطن، أو كذلك (يظن) أن هنالك فساداً ما في دائرة ما فإنه من المصلحة الوطنية الكبرى أن يتوجه بسؤال بريء (بما سمع وظن) إلى هيئة مكافحة الفساد التي ما برحت تكرر النداءات للمواطنين بالتبليغ عن أي فساد وذلك حسب التوجيهات السامية من لدن خادم الحرمين الشريفين مليكنا المفدى قائد وفارس الحرب على الفساد.
ومن هنا فإن المواطن الذي يريد أن يُبلّغ عن فساد ما (قد) لا يملك المعلومات أو الأدلة الكافية عن ذلك الفساد، لأنه ليس بمقدوره البحث والتقصي بكل حرية لأن ذلك يندرج تحت باب التدخل في شأن الآخرين، كما أنه ليس مخولا بذلك، ومن هنا يكتفي أغلب المبلغين عن الفساد بمقولة (يقال إنه) ثمة فساد في الدائرة (الفلانية) أو (نظن) أن تلك الدائرة (العلاّنية) تعج بالفساد حتى ولو كانوا يملكون بعض المعلومات البسيطة التي لربما تساعد على كشف معلومات أكثر لهيئة المكافحة عن ذلك الفساد لتقوم بدورها النبيل. والأمركذلك ينطبق على (المخبر الصحفي) لأن كليهما المواطن والمخبر الصحفي ليسا مخولين قانوناً بدور (المباحث الإداري) أو (المحقق الأمني) لأنهما مجرد مبلغين عما (يظنان) أنه يضر بمصلحة المواطن والوطن وليس أكثر من ذلك.