صديقنا الدكتور موافق الرويلي عضو مجلس الشورى أخذ على عاتقه محاربة ظاهرة الشهادات العليا المزورة والوهمية. هو يتحدث عن وباء يجتاح بلدنا اسمه «الدكتوراة الوهمية».. فقد أصبح بوسع أي شخص أن «يشتري» شهادة الدكتوراة بثمن بخس ويصبح بين عشية وضحاها دكتوراً يتصدر المجالس والمؤتمرات والندوات يسبقه حرف «الدال» المُفَخَّم المحترم.. وحين تحاول أن تعرف ما هو تخصص هذا الدكتور المحترم لا تحصل على إجابة!! وقد شاعت في السنوات الأخيرة موضة التخصصات المختلطة، فتجد الدارس يأخذ مادة من هنا ومادة من هناك ويخرج بـ»سلطة مشكلة» اسمها دكتوراة يحار المرء في معرفة كنهها.. لكنها دكتوراة والسلام.. أما الآن فلا أحد يحتاج حتى إلى هذه السلطة المشكلة لأنه يستطيع أن يشتري الدكتوراة وهو في بيته بالبطاقة الائتمانية بسعر قريب من «البلاش»!!
لا اعرف مدى استفحال هذه «الظاهرة».. ولا أتهم أحداً، ولكنني سمعت من الدكتور موافق الرويلي في جلسات متعددة كلاماً «يقف له شعر الرأس» رعباً لا احتراماً بالطبع..! وأنا لا أملك المعلومات ولا الشجاعة التي يملكها صديقي الدكتور موافق.. والرجل يبدو واثقاً مما يقول، ومتأكداً من المعلومات التي يقول: إنه جمعها من مصادر متعددة.. وهي معلومات لا تسر على الإطلاق، لأنها تعني أننا سننتهي إلى حالة يكون فيها شعبنا من أوله إلى آخره دكاترة لا يفهمون شيئاً.. لأنهم لم يتعلموا شيئاً.. وكل ما فعلوه هو أنهم دفعوا من حر مالهم السعر الذي حددته دكاكين بيع شهادات الدكتوراة الوهمية.. وهي حالة لا يملك معها الإنسان إلا أن يطلق صرخة مدوية على طريقة يوسف وهبي: «ياللهوووول!!».
قلت لصديقي موافق الرويلي لعلك تبالغ.. لعلك غير متأكد.. لعل الأمر اختلط عليك.. لكنه ينظر إلي ويبتسم في وجهي ساخراً من براءتي..!!
قبيل كتابة هذا المقال بساعة واحدة فقط كنت على الهاتف مع الدكتور موافق.. وكالعادة كان الحديث عن شهادات الدكتوراة الوهمية.. وكالعادة فجعني بتفاصيل مزعجة عن هذه الظاهرة.
يحاول الدكتور موافق من خلال عضويته في مجلس الشورى أن يستصدر نظاماً لمكافحة الشهادات الوهمية.. وأرى أن الوقت قد حان لمناقشة هذا الموضوع بأقصى درجات الجدية. ولا يكفي أن نقول: إن داء الشهادات الوهمية تعرفه أيضا المجتمعات الأخرى.. وبعضها متقدمة، وأن من يشتري الشهادة الوهمية هو إنسان مغفل لأنه يجعل من نفسه أضحوكة.. فالناس ليسوا أغبياء إلى الحد الذي لا يكتشفون أمر «الدكاترة الوهميين» الذين يمسون على حال ثم يستيقظون في الصباح التالي على حال أخرى وقد صاروا «مدكترين».. هكذا دون سابق إنذار...!
أجل لقد حان الوقت.. فما أقسى أن نكتشف أننا «علماء» فقط بالاسم لكننا لا نفهم شيئاً. ومن يدري، فيما لو استمرت هذه الظاهرة دون معالجة، قد يأتي وقتٌ يُفاجأ فيه كاتب المعاريض أمام الدوائر الحكومية بأن زبونه الذي يقف في الطابور منتظراً دوره هو دكتور «محترم» لكنه فقط لا يفك الحرف..!؟
alhumaid3@gmail.com
ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض