في مقدمة ابن خلدون ذكر أن الأرض بعد تقلب الفصول من فصل إلى فصل, أي من الشتاء إلى الصيف تبدأ بلفظ أمراض وحشرات لو تركت لأهلكت العالم فيرسل الله الغبار فتقوم هذه الأتربة والغبار بقتلها وتتراوح حبة الرمل بحسب الحشرة فبعضها صغير يدخل عيونها وبعضها يدخل أنوفها وبعضها في جوفها وبعضها في آذانها وتميتها،
وأيضا تلفظ الأرض الأمراض بعد الرطوبة خلال فصل الشتاء فلا يقتلها ويبيدها إلا الغبار.
ويقول رائد الفضاء “يوجين” الذي صعد إلى القمر قبل 30 عاماً ومشى على سطحه عام 1972م، إن سطح القمر وجوّه مغطى بشكل كبير بغبار يشبه الدخان، وهو يؤذي بدلة رائد الفضاء ورئتيه، وهو أشبه ما يكون بحبيبات الزجاج. وعندما عاد إلى الأرض اكتشف أن لديه حمى غبار القمر. هذا الغبار لا يشبه الغبار الذي نعرفه أبداً ولكنه يشبه الدخان تماماً. ويقول العلماء أن غبار القمر له خصائص حديدية ويمكن التقاطه بواسطة المغناطيس، وهذه الخصائص تعطي لتربة وصخور وغبار القمر ميزات خاصة تجعلها فريدة من نوعها.
فما هو الغبار الذي نعرفه إذاً؟!!. هو جزيئات دقيقة من المواد العضوية وغير العضوية العالقة في الجو، وهو يحتوي على مواد عديدة كالألياف الحيوانية والنباتية، واللقاحات، وثاني أكسيد السيليكا Silica، والبكتيريا، والطفيليات، والأتربة الناعمة الغنية بالمواد العضوية. وقد يحتوي أيضًا على مواد احتراق، ورماد، ونسيج صناعي، وصوف، وقطن، وحرير، وورق، ومخلفات الأظافر، وجزيئات زجاج، وصمغ، وجرافيت، وشعر وقشور من الإنسان والحيوان، وبلورات سكر وملح، وتربة، وبذور جرثومية، وفطريات، وغيرها!!.وبالتالي فإن الغبار المنزلي قد يحتوي على مركبات كيميائية سامة من شتى الأنواع مما يدعو إلى اتخاذ آلية سلوك دقيق أثناء الاعتناء بالمنزل وتنظيفه وتخليصه من الغبار، أو مسبباته التي منها يتكون والتي منها الحيوانات الأليفة وغير الأليفة!!.
وبجانب غبار القمر هناك غبار ما بين النجوم الذي لم يكتشف إلا حينما صنع الألمان أجهزة كشف الغبار. حيث أشار العلماء إلى أنه ترسم اليوم خرائط للأوساط بين الكواكب والنجوم والمجرات للوصول إلى معلومات دقيقة. واكتشف العلماء أن عالمنا هو عالم ترابي. والغبار الكوني الحالي ليس سوى جزء متبقي من دخان السماء. وحتى الآن يحار العلماء في وصف حبيبات الغبار الذي بين النجوم. أما عن الغبار الكوني (Cosmic Dust) فهو جسيمات تمثل تجمعات من جزيئات قليلة في الفضاء تصل أحجام حبيباتها إلى 1 من مائة من المليمتر. ويتميز الغبار على حسب مكان توزيعه في الفضاء؛ فهناك الغبار بين النجوم, وبين الكواكب والغبار الكوني, والغبار المحيط بالكواكب. ويتكون الغبار من صفائح رقيقة أو جرافيت إبرى الشكل (كربون) وسليكات عصوية الشكل محاطة بماء مثلج. ولا يعرف العلماء حتى اليوم طبيعة وأصل الغبار بين النجوم. الغبار الذي يجعلني أبحث في خصائص حرف الغين في كتاب [خصائص الحروف العربية ومعانيها] لـ حسن عباس، عندما أشار إلى أن صورة حرف الغين الصوتية وهو يدغدغ سقف الحلق عند خروجه، لهي أشبه ما تكون بدغدغة محسَّة من حديد تزيل “غباراً” عالقاً بجلد بعير، وإذا خُفف صوته قليلا، كان أشبه بحفيف ممحاة من نسيج خشن تحكُّ خطوطا طباشيرية مرسومة على لوح أسود، ويتطاير “الغبار”. وهي من خصائص حرف الغين الإيمائية. وفي المعجم الوسيط عثر مؤلف الكتاب أعلاه على مئة وخمسين مصدراً تبدأ بحرف الغين. كان منها اثنان وعشرون مصدرا تدل معانيها على الاضطراب والبعثرة والتخليط، بما يماثل الاهتزاز في صوت الغين، وبعثرة النفَس عند خروجه. منها: الغُبار (لبعثرته). كذلك بلغت نسبة المصادر التي تأثرت معانيها بخصائص الغين الإيحائية (51%). لترتفع هذه النسبة مع خصائصه الإيمائية إلى (72%)، مما يؤهله للانتماء إلى زمرة الحروف القوية الشخصية، ربما كقوة شخصية الغبار عندما نتقيّه إذا انطلق بكثافة موجهة وغير موجهة، وتكاتف، وننتظره عندما يرسل الله الرياح بمعيتها حبوب اللقاح، أو وهو يجيء من أجل القضاء على الحشرات لأجل حمايتنا من الأمراض. قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} (22) سورة الحجر.
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443
Twitter: @Hudafalmoajil