كنا قد وعدناكم في المقالة الـ(ما قبل) السابقة أن نكمل (الرحلة الكتابية) عن رحلات العقيلات أو التجارة النجدية أو الاقتصاد السعودي قبل النفط الذي يعتبر حسب ما قاله أخي (محمد أبا الخيل) أنه (نمط إداري جدير بالبحث والتوثيق، ويقوم على ثلاثة عناصر أساسية هي: القيم السامية و(الهيكل التنظيمي للحملة) و(العلاقات الجماعية والفردية) من خلال الرؤية والقصص المتشابهة التي يتداولها أبناء العقيلات والتي (تشطح) بعضها لتماثل الأساطير.. هكذا قال أخي محمد أبا الخيل، أما ما أقوله أنا وحسب فهمي المتواضع لـ(عنصرين من عناصر مرتكزات (النمط) الإداري إياه) وعدم استيعابي للعنصر الثالث، وأعني بالعنصرين المفهومين (القيم السامية).. و(العلاقات الجماعية والفردية) من خلال الرواية والقصص المتشابهة التي يتداولها أبناء العقيلات والتي (تشطح) بعضها -كما يقول أخي محمد- ولا أقولها أنا إلى حد الأساطير.. أما العنصر الثالث الذي أسماه (الهيكل التنظيمي للحملة) وأعتبره نمطاً إدارياً فقد (حمله) أكثر مما يحتمل (قعود عقيل!!) لأنه لا يرقى إلى الهيكلة بقدر ما هو (عُرف نبيل، بسيط جداً يندرج تحت (بساطه التي يندرج تحتها العنصران الآخران العفويان) تلك البساطة التي اعتبروها عرفاً تجارياً أو ميثاق شرف غير مكتوب ولكنه عرف أخلاقي ينبذ كل ما يسيء إلى صورة العقلات المشرقة لدى الآخرين (كالغش، والنصب، التدليس، الاحتيال، النكران). ومن الجانب الآخر التمسك بكل ما يرسخ صورتهم المشرقة لدى الآخرين (الصدق، الأمانة، الثقة، الإيفاء، والوفاء) والتمسك بالعهد واحترام عادات وتقاليد البلدان والقرى والبوادي التي يمرون بها وخصيصاً محطاتهم التجارية التي يمكثون بها أكثر من غيرها بدءاً من (الكويت، الزبير، دير الزور، حمص، الشام، عمّان، القدس، غزة، إمبابة في مصر والتي أعتقد أنها آخر محطاتهم).
وما دام الشيء بالشيء يذكر فقد أحسنت عملاً جمعية (أواصر) في البحث عن أبناء وأحفاد العقيلات الذين بقوا في تلك المحطات حتى اليوم وانقطعوا عن الاتصال بموطن الآباء والأجداد وأعني بذلك المملكة وأقول أحسنت عملاً (أواصر) لأنها أعادت أواصر الاتصال بينهم وبين أهلهم في الوطن الأم.