يلتقط بعض فتياننا وفتياتنا لا سيما المتزوجين منهم بعض الأقوال من ثنايا خطب ومحاضرات ثم يعتمدها منهجاً له في حياته الزوجية لأنه وجد فيها ما يوافق ميوله وتوجهاته في دائرة تعامله مع الطّرف الآخر (زوج أو زوجة)، وربما إن هذا المستمسك الذي عثر عليه بعد البحث عامداً أو بالصدفة لم يكن يلائم أو ينطبق على حالته وما يفكر به من تعامله في حياته الزوجية وإدارته لشئون الأسرة سواء كان مجتهداً يضع في اعتباراته عدم الظلم والجور أو كان يوجد المبررات في سبيل تحقيق غايات من أبرزها توقير المال إن كان زوجاً أو الجهد إن كانت الزوجة، أو بغرض ترويض أحدهما للآخر على أمور يحبذها ويريدها قاعدة عامة في حياتهما وإن كانت خارجة عن الأحكام والمسلّمات لمجرد أنه وافق هوى في نفسه.
فعلى سبيل المثال حين يقرأ شاب متزوج في شرح منتهى الإرادات لمنصور بن يوسف البهوتي: (ولا يلزم على الزوج لزوجته نفقة الدواء وأجرة الطبيب إذا مرضت لأن ذلك ليس من حاجتها الضرورية المعتادة)، وقوله (ولا يلزم الزوج كفن امرأته ولو كان غنياً، لأن الكسوة وجبت عليه بالزوجية والتمكن من الاستمتاع -بزوجته جنسياً- وقد انقطع ذلك بموتها)، وآراء له أخرى مشابهة في هذا الاتجاه، فإن هذا الشاب قد يجد فيها ما يناسب طبيعته ومزاجه فيأخذ بها كآراء فقهية تم القطع والفصل بها، لا جدال فيها ولا تراجع، وينبذ ويقصي كل رأي غيرها ويغمض عينيه ويصرف عقله من نظر وتدارس آراء فقهاء آخرين ربما أنارت له سبلاً وقادته إلى صراط مستقيم في الوفاء مع الزوجة أم أولاده شريكة حياته حاملة همه خادمته في معاشه موطئة فراشة في مباته، وغني عن القول إن تفسير وتخريج هذا الرأي الفقهي له أربابه من الفقهاء، إنما القصد هنا الإشارة لمنهج بعض من يتمسك بمثل هذا التوجه الفقهي لمجرد أنه يوافق هواه، بمعنى أنه ربما في أمر معاكس قد يجد رأياً فقهياً يلبي غرضاً في نفسه فيتبعه لأنه يحقق تلك الرغبة متجرداً من صحة ويقين المنهج عرفاً وشرعاً نائياً بنفسه عن البحث والتقصي عن منهج الوسط الذي يحقق العدالة ويزكي النفس من الولوغ في الشبهات.
ومن الطرف الآخر نجد فتيات يتخلين عن خدمة الزوج في مأكله ومشربه وترتيب حوائجه وملابسه وغير ذلك من الخدمات المنزلية المتعارف عليها واكتسبت موافقة الأسرة الاجتماعية وسارت عليها كقاعدة عامة، لأنها ولهوى في النفس تتمسك بقول من يرى أنه لا يلزمها ذلك وأنه يلزم الزوج توظيف عاملة منزلية تتولى هذه الخدمات (حتى لو كانت الزوجة غنية عنها ببدنها ومالها)، لكن الواقع يقول ان كلاً من الطرفين حينما يتشبثان بهذه الفروع والتشعبات الفقهية لتحقيق غاية في النفس فإنهما في مجالات أخرى لا يتقيدان بآراء ونصوص ربما كانت أبلغ وأثبت في مناح مختلفة، إذن ففي المسألة انتقاء يمليه الهوى والتقاط لآراء تشبع حاجات في الأنفس ليس إلا.