لم أجد وصفاً أدق من كلمة (نهش) لأن النهش يعني الأخذ بسرعة وبأكبر ألم للجسد المنهوش وفي القاموس: نهش ينهش نهشاً، فهو ناهش، والمفعول منهوش, نهشه الكلب تناوله بفمه ليعضه، نهش لحماً مزق وقطع بأسنانه، نهشته أفعى لسعته.
وكلامي حول هذا الناهش وهذا المنهوش قد لا يعجب البعض لا عن شيء إلا بسبب عدم إدراك الخطر وعدم تصور ماذا يعني أن تكون ناهشاً لهذا الجسد الكبير، وفئة وهي -إن شاء الله- قليلة تدرك الخطر وتعي ماذا يعني نهش هذا الجسد الكبير ولكنها تطرب لذلك وهي أكبر الخاسرين، ولكنه الجهل والتبعية المقيتة.
أؤمن إيماناً كاملاً بأن الإنسان -أي إنسان- يحب الظهور بمظهر الإنسان الجمعي إن صحة التسمية أي الإنسان الذي يسعى إلى مصلحة الجميع لا إلى مصلحة ذاته فقط، ولكنني أجزم بأن جزءاً من هؤلاء (الجمعيون) ينفذون أجندات خارجية علموا أو لم يعلموا، ينفذون رغبات حبكت خططها ووضعت تصوراتها وجند لها من البشر من جند وغالبية هؤلاء المجندين لا يعلمون أنه مجندون!
ما أعنيه بهذا الجسد الكبير هو الوطن.. نعم الوطن، هذا الوطن الذي يمثل جسدنا الكبير، وهؤلاء الناهشين من أبناء هذا الوطن الذين يكتبون هنا وهناك وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي وينالون من هذا الوطن بالسخرية تارة وبالشتم تارة، وبالمقارنات الظالمة تارة أخرى، يستعذبون متابعة الأقلام المأفونة المأجورة المتخفية وغير المتخفية ويلبسونهم لباس النقاء والشجاعة والفداء، ويعتبرونهم مثلاً يحتذى وقدوة ترتجى.
أجله وأقدره وأستمع إليه، وعندما أقرأ أجده في كتاباته ينال من وطنه أو من رموز وطنه يسقط من عيني ويخرج من قلبي، وأشك في كل كلمة سمعتها منه من قبل.
قبل أن أسترسل في الكلام أنقل كلاماً أفضى به إلى ذاك الرجل الذي عركته الحياة فقال: أقول لك كلاماً لعلك توصله لمن يعنيه الأمر بصفتك كاتباً قلت هات ما لديك قال: أنا لا أريد شيئاً من أحد لا أنتمي لأي مؤسسة حكومية، ولا أتزلف بهذا الكلام لأي قامة وطنية، لا أبتغي به عزاً من بشر، ولا أتطلع إلى رفعة من عبد من عباد الله كبر أو... كبر، كل ما أقوله من أجل هذا الوطن من أجلي وأجل أهلي، أنتم أهلي، أنتم وطني، أنتم من أخاطبهم وأنتم من أخشى عليهم عاديات الزمن، قفوا واسمعوا لضمائركم الحية لا إلى كلامي، ابتعدوا أن الضغينة والحقد والحسد، اسبقوا كل هذا بآي من كتاب الله ينير بصائركم لتعوا ماذا يعني الوطن؟ سمعت كلاماً لبعض أبناء هذا الوطن في هذا الوطن فآلمني، لعلك تكتب عن هذه العقوق لهذا الوطن، قلت له: إنه النهش في هذا الجسد الكبير.
الناهشون لجسد الوطن أقرأ لهم في أكثر من مكان فأتألم لا لكون ما يقولون كذباً، بل إن بعضه حقيقة، ولكن ليس هكذا (تورد الإبل يا سعد) إن كان ثمة حقائق مؤلمة فليس مكانها قارعة الطريق، بل إن أماكن ما يكتبون أدهى وأمر من كل قوارع الطرق، شخصياً أنتقد ولكنني لا يمكن أن يكون نقدي في المجالس العامرة فضلاً عن هذه الأماكن المفتوحة للكبير والصغير والمحب والمبغض، وأشد حرصي عندما يكون من يحضر هذه المجالس من صغار السن الذين لا يفرقون بين النقد من أجل الإصلاح والنقد من أجل الإفساد، فإن نقد وخاصة الرموز الوطنية الكبيرة مفسد جداً لعقولهم وخطره كبير عليهم، أعني الناشئة.
هؤلاء الذين يصبحون على تصيد العثرات وتتبع الزلات لا أدري ماذا يريدون أن يقولوا للجيل؟ هل يريدون أن يقولوا لهم أنكم تعيشون حلماً كبيراً اسمه الوطن؟ هل يريدون أن يعيش هذا الجيل مرحلة كلها تفكير في مصير مظلم صوره لهم هؤلاء الناهشون في الجسد الكبير؟ تتقزم أمامي قامات هؤلاء حتى ولو كانوا ممن نالوا من العلم أوفره وسبقت أسماءهم حروف قد تكون دالاً وقد تكون دالاً يسبقها ألف، لا يهم ما دامت القلوب ران عليها ما ران فلا تعنيني شيء أبدا.
الجسد الكبير أيها الكبار والأبناء الصغار لا يمكن أن نقبل أن تنهشه مخالب السباع، ولا نقبل أن تلوك اسمه الألسن مهما كانت قريبة أو بعيدة، الجسد الكبير نسعى لنموه بأقوالنا وأفعالنا، فلا يمكن لوطن أن يتقدم إلا بتضافر جهود أبنائه، ولن تكون هذه الجهود في ظل إنصاتنا لكل من هب ودب وأرجف وأرعد ونشر الذعر في القلوب المؤمنة المعرضة الساعية إلى خير الناس، هؤلاء الذين قال فيهم رسولنا الكريم (خير الناس أنفعهم للناس).
إن مما يؤسف له تداول شبابنا وبعض شيبنا مقاطع وتغريدات لأناس لا هم لهم إلا النيل من هذا الوطن، والتشكيك في كل خير يفعل، والتهويل من كل خطأ يرتكب! ومما يزيد من الألم أن بعضنا يصدق كل ما يقال وكأنه يغيب عقله ويسلمه لهؤلاء يوجهونه حسب أهوائهم!!
قضية نهش الجسد الكبير تحتاج لتوعية طويلة المدى، متنوعة العطاء، لا تقوم بها مؤسسة دون أخرى، ولا جماعة دون جماعة، الهم همنا والوطن وطننا والأهل أهلنا فمن للوطن ومن للأهل إن تقاعسنا وتواكلنا؟
إنني أنادي بمبادرة تحمل عنوان (الجسد الكبير) نقوم بها كمجتمع، فعاليات وأنشطة متنوعة تحمل الجوائز والمسابقات المغرية ذات المردود المادي الكبير على مدى سنة كاملة، يتمثل فيها الجسد الواحد، يكون للجمعيات الخيرية الدور الكبير لما لهذه الجمعيات من مصداقية كبيرة لدى أفراد المجتمع، ولما لها من خبرات جيدة في القيام ببعض المهرجانات الشعبية المميزة.
جسدنا الكبير يستحق منا الكثير والكثير وأولى خطوات حماية هذا الجسد أن تكون أذاننا صم وأعيننا عمي عمن يحاول إثارة الفتنة بين أبناء الوطن وقادته علماء وساسه، حتى تعود سهامهم في نحورهم.
والله المستعان،،،
almajd858@hotmail.comتويتر: @almajed118