قبل أسبوعين كنت في جدة للمشاركة في ندوة عن الهوية في زمن العولمة في محافظة خلص شمال جدة، وقد لفت انتباهي أن البلاد كلها تقريباً تمثل ورشة عمل للتنمية والتقدم وتنفيذ المشروعات، ففي جنوب مطار الملك عبدالعزيز في جدة ارتفعت في السماء عشرات الرافعات في بداية لتطوير..
لقد حقق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إنجازات حضارية عملاقة غطت جميع المساحات الشاسعة للوطن الحبيب وتعدّت تلك الإنجازات حدود الوطن لتشمل مساحات شاسعة أيضاً من العالم ولعلّ ذكرها بإنجاز يُلقي الضوء على مسمياتها ولكنّها في حاجة ماسة إلى التوضيح وبيان أهداف كل منجز، ومن المستحيل إيجازها بأسلوب أدبي أو حتى بيان ما أُنفق عليها، لذا يذكر الكاتب بعض النقاط التي خطَرت بفكره خلال الأعوام السابقة فقد غرس خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خلال الأعوام السبعة الماضية وكان غرسه على تقوى وإيمان وإخلاص بدليل ثبات الإنجازات وتحقق أهدافها وأعتقد جازماً أنها أتت ثمارها ومنها:
- إنجازات خادم الحرمين الشريفين في (الحرم المكي) و(المسجد النبوي الشريف) حيث يتفيأ ظلالهماكل مسلم ومسلمة في أرجاء العالم وأصبح كل من المسجد الحرام والمسجد النبوي يستوعبان من زارهما من أي مكان في الدنيا وفي أي وقت شاء، ولايستطيع أحدٌ أن ينقل المواصفات النهائية لكل منهما سواءً من حيث التوسعة حيث احتلّ كل من المسجد المكي مساحة مكة المكرمة إلى قبل خمسين عاماً، وكذلك احتل المسجد النبوي مساحة المدينة المنورة إلى قبل خمسين عاماً أو من حيث الجانب العمراني، وما أروع البناء وما أجمل الشكل النهائي لكل منهما، وقد أُنفقت آلاف المليارات من الريالات عليهما وسيجني خادم الحرمين الشريفين ومن سبقه الأجر والمثوبة في الدنيا والآخرة على الاهتمام الكبير بما يهم أمر المسلمين جميعاً وفي مقدمات ذلك التوسعات المتلاحقة للحرمين الشريفين، وكذلك الاهتمام بالمشاعر المقدسة بمكة المكرمة سواءً عرفات أو مزدلفة أو منى حيث أصبحت أنموذجاً لوسائل المواصلات التي طبقت فيها من حيث الطرق البرية أو القطارات أو الجسور أو إضافة مساحات أخرى لتتسع تلك المشاعر لمزيد من المسلمين والمسلمات.
- نال التعليم بكافة مستوياته اهتماماً وهماً ومتابعة من قبل خادم الحرمين الشريفين، سواءً في المناهج وتطبيقها أو توفير البيئة التعليمية المناسبة لكل مرحلة من مراحله المتعددة، مع الاهتمام المباشر بالطلاب والطالبات حيث يتمتع أكثر من خمسمائة ألف معلم ومعلمة بميزاتٍ لاتتوفر حسب علم الكاتب في مواقع أخرى، وكذلك ما يقارب خمسة ملايين طالب وطالبة في التعليم العام، وكذلك طلاب وطالبات أكثر من اثنتين وثلاثين جامعة بكلياتـها في أرجاء الوطن حيث وفرت للجميع ما يتطلبه الطالب والطالبة من إمكانات تيسّر له الدراسة ليتخرج مسلحاً بما يتطلبه الوطن، علماً بأن التعليم الجامعي كان محصوراً إلى قبل عشر سنوات على سبع جامعات، أما الآن فقد أصبحت لدى أبناء وبنات الوطن (أربع وعشرون جامعة) حكومية وثماني جامعات أهلية، تحوي تلك الجامعات بأكملها مئات الكليات وفي كل تخصص، وهذا إنجاز أو نقلة نوعية كبرى في مجال التربية والتعليم ولم يقف طموح خادم الحرمين الشريفين بل فتح المجال أمام البعثات الخارجية فهناك آلاف الطلاب والطالبات في أرجاء العالم وفي كافة التخصصات المطلوبة ليصبحوا جميعاً بنين وبنات كفاءات مؤهلة تأهيلاً علمياً وتقنياً عالياً يساعد على تلبية احتياجات القطاعات المختلفة في الوطن الغالي. واختلفت نوعيات التعليم والتربية باختلاف الجامعات حيث تركز كل جامعة على ما يحقق أهدافا معينة لأن لكل جامعة في المملكة العربية السعودية رسالة محددة وليست نسخة من جامعة أخرى.
- قفزت الصناعة والمدن الصناعية في المملكة العربية السعودية في عهده الزاهر قفزة صناعية رائعة وفي مختلف أرجاء البلاد هدفها توفير قاعدة صلبة لمصانع مختلفة تدعم نمو الاقتصاد الوطني وتوفر العمل للمواطنين والمواطنات ولاسيما من تخرج من جامعاته الاثنتين والثلاثين إضافة إلى خريجي وخريجات المعاهد المهنية، ولذلك أصبح عدد المدن الصناعية في المملكة العربية السعودية 14 مدينة صناعية بلغت استثمارها عام 1433هـ أكثر من 60 مليار ريال عدا المدينتين الصناعيتين في كل من ينبع وجبيل وأصبحت رابغ ثالثة لتلك المدن الضخمة، كما لاينسى خادم الحرمين الشريفين الشباب والشابات الذين تخرجوا ولم يجدوا لهم وظيفة فجعل لهم إعانة تساعدهم في حياتهم ريثما يجدون المجال المناسب للعمل.
- أولى خادم الحرمين الشريفين اهتماماً كبيراً في تنظيم البلاد وتطويرها ولاسيما في المجالات التي تيسر على المواطن ومن هذا الاهتمام بالقضاء حيث تذكر آخر إحصائية بأن في المملكة 266 محكمة تنفذ العدل وتحكم به ضمن طرق ميسرة ومنها استخدام ما يسمى بالحكومة الإلكترونية حيث تُنهى القضية أو المشكلة في وقت يسير، علماً بأن الحكومة الإلكترونية تطبق في جميع الإدارات الحكومية، وذلك للاستفادة من سرعة الإنجازات، ولعل مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية يعتبر ميزان عدل لتطوير الأنظمة والتشريعات وفق أحدث ما توصلت إليه تلك الأنظمة والتشريعات في العالم.
- معلومٌ أن المرأة نصف المجتمع الناجح بل وتهتم بالنصف الآخر ولادةً وتربيةً فهي المجتمع كاملاً ويعلم ذلك خادم الحرمين الشريفين وصبّ اهتمامه بها وجعلها تشارك في المجالات ورفع سقف مشاركتها بالابتعاث والمشاركة في الندوات العلمية وغيرها ويتطلع سريعاً إلى عضويتها في مجلس الشورى و مجالس البلدية وقد انتشرت أخبارها في الصحف ووسائل الإعلام كالرجل تماماً.
- أدخل خادم الحرمين الشريفين الراحة واليسر على جميع المواطنين وخاصة الذين استفادوا من صناديق الإقراض ولاسيما الصندوق العقاري وعلى سبيل المثال عام 1433هـ رُصد مبلغ 250 ملياراً لبناء 500 ألف وحدة سكنية لتضاف إلى آلاف الوحدات السكنية التي نفذت قبلها، كما يذكرنا هذا العام السابع لبيعة خادم الحرمين الشريفين بقرارات- حفظه الله- التي خصت فئة من المواطنين ولاسيما الفقراء والأيتام والأرامل حيث رصدت لهم مبالغ ضخمة وضمن إدارات متعددة لجعل المواطنين كافة في مستوى واحد ولاسيما ما يتعلق بمستوى المعيشة.
- أما مجال الصحة فقد نال الاهتمام الأول وكل مجال يخدم المواطن السعودي، وكذا من سكن في مساحة الوطن الغالي قد نال اهتمامه الأول وشمل ما يتعلق بالإنسان كاملاً حيث تجرى أدق العمليات وأحرجها في مستشفيات المملكة العربية السعودية ولاسيما المتخصصة وكم مرة قرأت عن زعيم من دول العالم يأتي للعلاج أو استبدال جزء منه بآخر، وقد انبهر العالم بالنجاحات المتتالية لفصل التوائم في مستشفيات الوطن الغالي وفتحت عشرات المستشفيات في كل مدينة صغرت أم كبرت، وكما يقول أبو الطيب المتنبي: أصبح لكل علة طبيبٌ:
يجشِّمكَ الزَّمانُ هوىً وحُبّاً
وقدْ يُؤْذِي من المِقَةِ الحَبِيبُ
وكيفَ تُعِلُّكَ الدُّنيا بشيءٍ
وأنتَ لِعِلَّةِ الدُّنيا طَبِيبُ
كما فتحت مئات المستوصفات الصحية في المدن والقرى وهناك مدنٌ صحية كاملة تخدم المرضى كمدن وزارة الدفاع الطبية ومدن رئاسة الحرس الوطني ونذكر بكل فخر مدينة الملك عبد العزيز الطبية التي تقدم خدماتها لكافة المواطنين، كما أن كليات الطب في الجامعات وملاحقها في المستشفيات تبشر بكل خير وطلابها وطالباتها هم ذخر الوطن وكان الاهتمام بهم وبهن كبيراً.
- أنجزت في عهد خادم الحرمين الشريفين بعض الإنجازات التي قد تخفى عن بعض مثل: تكريس الوحدة الوطنية وترسيخ لمفهوم الحوار حيث جعل المواطنين بهذا الأسلوب نسيجاً واحداً شرقه مع غربه وشماله مع جنوبه والكل مرتبط بالآخر ولا اعتزاز إلا بالإسلام وبما يقدمه المواطن لوطنه واتخذ الوسطية طريقاً والاعتدال أسلوباً مع تعزيز قنوات الاتصال للحوار الذي يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية السمحة.
- وضمن هذه الإضاءات في العام السابع لبيعة خادم الحرمين الشريفين لاننسى معطيات الأمن والأمان الذي يحيط بالمملكة العربية السعودية وما حققت من إنجازات حيث يحميها من العابثين ولاسيما من أتى من خارجها، لأن العبث بالأمن والأمان من داخلها مستبعد.