في مقالتـي السـابقة والمعنونة بـ(أمير التاريخ) والتي أردت فيها أن أتناول إعلان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع عن جائزة والده المؤسس العظيم عبدالعزيز بن عبدالرحمن- طيب الله ثراه- والمتعلقة بالتاريخ والمؤرخين والدراسات والبحوث والترجمات والمتعلقة بهذا المجال، ولكن حينما شرعت بالكتابة عن هذه المأثرة العظيمة والتي لم تكن المأثرة الأولى ولا الأخيرة بإذن الله.. من مآثر سلمان العظيم، أقول حينما شرعت بتناول هذا الحدث المهم بالنسبة لي ولكل محب للتاريخ لست أدري كيف تداخل هذا التناول بين الجائزة وزيارته للمنطقة الجنوبية فجاءت مقالتي (تحجل) وغير متزنة المسير لأنني صراحة كنت أفكر في أمر آخر ألا وهو التمازج بين الكتابة الرسمية والفن (المرسمن) وأقصد تحديداً الخبر الإعلامي الرسمي التقليدي المكتوب وما يصاحبه من حركة شبه ساكنة لعين الكاميرا التي تصور الحدث بلا (تفنن) ليس مطلوبا منها لأنها تنقل حدثاً رسمياً كما يقتضي واجبها التقليدي لا أكثر ولكي أفصل في ذهني بين الفن الإبداعي الذي يعتمد على تحريك الكاميرا وبين ثباتها (المطلوب) كانت الصور التلفزيونية لزيارة سلمان بل وحتى الصحفية تتكرر بشكل متشابه في جميع الصحف والقنوات الرسمية إلا صورة نادرة استطاعت كاميرا مصور مبدع أن تلتقطها بكل براعة ودقة وأعني بذلك صورة الأمير سلمان وهو يكفكف دموعه (العصية والصعبة) عندما ذكر أحد الشعراء شقيقه الراحل سلطان.
أما الكتابة اللاتقليدية التي دخلت بشكل مدهش إلى الكتابة الفنية والنص الشعري الشفاف بالرغم من أنه من المألوف أن تكون تلك الكتابة رسمية (جامدة) كما تقتضي المواقف الرسمية فهي كلمة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد، والتي أعزو خروجها عن المألوف إلى المحبة الشفافة القصوى والعاطفة الغامرة والولاء الصادق الذي يكنه الأمير فيصل لـ(عمه) سلمان، بحيث بدت لمن يملكون الحس الفني الأعلى والنظرة النقدية الثاقبة أنها أشبه ما تكون -أي كلمة الأمير فيصل- بقصيدة نثر مكتملة المواصفات، وهذا ليس غريباً على المرسل والمتلقي والتي انطلقت من قلب الأول لتستقر في وجدان الثاني.
وبالعودة إلى صورة (دمعة) سلمان وعظمة اللقطة فلأن من يعرفون سموه عن قرب، يقولون: إن أكثر ما يكره الأميرسلمان هي دموع الرجال، فبماذا إذن يفسرون دموع سلمان لمجرد ذكر سلطان ألا أنها تجسد الوفاء الذي يتميز فيه سلمان لإخوانه الراحلين والباقين على قيد الحياة بعد طول عمر - إن شاء الله.