هناك مقولة ساخرة لوزير سعودي سابق هي “أن المجتمع لا يعتبر الفرد ناجحاً إلا إذا كان وزيراً أو بليونيراً”. وأرى أن مثل هذه المعايير الصعبة لتحقيق النجاح لها دور في انتشار ظاهرة الإحباط في المجتمع،
فالأجيال السابقة كانت أكثر تفاؤلاً، وأكثر إقبالاً على الحياة، وتوقعاتها وآمالها وأهدافها أكثر واقعية، وتتكيف مع ما يتوفر في المجتمع من إمكانات وفرص، والتي كانت محدودة مقارنة بالوقت الراهن الذي ازدادت فيه الفرص، والأحلام، والإحباط أيضاً.
ولا شك في أن الحياة بحلوها ومرها حافلة بالتحديات والمصاعب لكافة البشر وفي مختلف المجتمعات البشرية، ولكن حجر الزاوية هو ردود فعل الفرد على هذه التحديات والمصاعب، فالفرد لا يستطيع تغيير أو تعديل بيئته، ولكن بإمكانه تغيير نفسه، وذلك بكيفية الاستجابة للمشاكل التي يمر بها، فالحياة لا تصفو لأحد، فحتى خيرة البشر وهم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، واجهوا مصاعب وتحديات كبيرة، ولكنهم، عليهم الصلاة والسلام واجهوها بصبر وثبات وعزيمة وإيمان، ومعظم الناجحين من علماء، ومبتكرين، ورجال أعمال، وأدباء، مروا بانتكاسات، وحالات فشل، قبل أن يحققوا النجاح. لذا فمن غير المنطقي أن نحبط أو نيأس إذا لم تصف حياتنا.
إن هذه دعوة لأن نفهم الحياة بشكل أكثر واقعية، وأن نغرس في نفوسنا ونفوس أبنائنا أن الحياة رحلة تتطلب الصبر والجدية، والعمل الجاد لتخطي المصاعب، وأن نعمل على تطوير أنفسنا وأبنائنا، ومجتمعنا، ليكون مجتمعنا مجتمعاً متطوراً قادراً على المنافسة والنجاح، وأن نسعى إلى التغلب على المشاعر السلبية بتغيير أفكارنا، فأنت عزيزي القارئ مسؤول عن تغيير أفكارك من السلبية إلى الإيجابية وتبعاً لذلك ستغير عالمك إلى الأفضل.
وثبت علمياً أن أي حديث سلبي مع النفس يؤثر سلباً على أفكارك وإقبالك على الحياة، والعكس صحيح.. فأنت المؤثر الوحيد على أفكارك، ورؤيتك للحياة، فلا تيأس إذا فشلت في تحقيق أهدافك وآمالك، فمن الذي تصفو مشاربه. والأخذ في الاعتبار أن تكون للفرد أهداف واقعية ومنطقية تناسب إمكانياته وقدراته.
إن غرس التفاؤل والتفكير الإيجابي في الفرد، وفي المجتمع ككل، له أهمية خاصة، فلا يمكن أن ينجح مجتمع ما وهو محاصر بالتشاؤم، ومكبَّل بالتفكير السلبي، في أفعاله، وأفكاره، وحواراته، وقناعاته، لا يمكن أن يكون المجتمع فاعلاً حيوياً وهو يتعرض لسهام التشاؤم، والسلبية، والنقد غير الموضوعي سواءً من أفراد المجتمع أو مؤسساته المختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وسائل الإعلام، فمع قناعتي بأن وسائل الإعلام مطالبة بأن تبرز مواطن القصور والخلل في المجتمع، فإن الأمر يتطلب أيضاً التوازن والواقعية في الطرح والنقاش، وإبراز السلبيات والإيجابيات بتوازن وواقعية.
فبنظرة سريعة على مقالات الزوايا والرأي في الصحافة السعودية نجد أن غالبيتها يسيطر عليها السلبية، والتشاؤم، والتركيز على مواطن ومظاهر الخلل والقصور، فهل يعقل أن شأنا أو موضوعاً ما كله سلبيات، فشيء من الإنصاف مطلوب لإبراز بعض الجهود الناجحة في المجتمع، فما تحقق في بعض المجالات مثل الصناعة البترولية، والتعدينية، والبتروكيماوية، وفي مجال التعليم، وفي بعض الجهات الخدمية، يستحق الإشارة إليه لسببين، أنه نتيجة جهود وطنية مخلصة، والأمر الثاني، أن نحاول إشاعة بيئة فيها التفاؤل، والإيجابية، والأمل.
خلاصة القول: إن التفاؤل والتفكير الإيجابي صحي للفرد وللمجتمع، والدراسات الحديثة أثبتت أن الفرد والمجتمعات الإنسانية المتفائلة والإيجابية تنجح أكثر من المتشائمة، كما أن العلم أثبت أن التفكير الإيجابي يفرز في الجسم تفاعلات كيميائية تساعد الفرد على تحقيق النجاح بعكس التفكير السلبي. فأرجوكم دعونا نعيش بالأمل، لا تغلقوا نافذة الأمل، فما أصعب العيش لولا فسحة الأمل.