أصبحت كلمات (الدهشة، التعجب، الاستغراب) لا تنسجم مع ما يجري في مجتمعنا من مآسٍ غالبا بطلها رجل مستبد!
وحادثة السيدة أم حمدان وبناتها الخمس لم تبقِ لدي دهشة ولا عجبا، بعد ما ذكرت شرطة منطقة الباحة تلقيها بلاغاً من ابن زوجها الذي أفاد فيه بأنهن استنجدن به لإنقاذهن من عذاب والده (زوج أم حمدان ووالد الفتيات) بعد أن ضاقت بهن الأرض ذرعاً, وتقطعت بهن السبيل إثر نفاد صبرهن وعدم تحملهن للعنف البدني والنفسي طيلة عشرين عاماً, حيث قام بضربهن وإيداعهن في شبك الأغنام بقرب منزلهم.
وإن كانت هذه الحادثة ليست الأولى وطبعا لن تكون الأخيرة، إلا أنها تعد أبشع صور العنف الأسري، حينما يقوم بها زوج مسن تجاوز السبعين من عمره تجرد من مشاعر الرحمة والشفقة ومعاني الإنسانية نحو زوجته (الكفيفة!) والذي اعتاد على أخذ مخصصها من الضمان الاجتماعي، وختم فعله بقذفها بقطعة من الحديد ورشق بناته بالحجارة مما أدى لإصابة إحداهن بقطع بالأذن اليسرى وإصابة أخريات بجروح وكدمات في أجزاء متفرقة من أجسادهن النحيلة, ووضعهن في شبك للأغنام، وهو ما دعا الجيران للتدخل وتحريرهن، والاستعانة بالجهات الأمنية والهلال الأحمر الذي نقل المصابات منهن إلى مستشفى الملك فهد بالباحة وهن في حالة يرثى لها!
وحتى لا تبقى لديكم دهشة ولا استغراب فإن شرطة منطقة الباحة قد أفادت وقررت (أن الأب يعاني من أمراض نفسية وعصبية, وقد تقدم أحد أبنائه بشكوى رسمية بالواقعة لدى الشرطة وتم إحالة الموضوع إلى الجهات المختصة).
وخاتمة الحادثة تعني أن المجرم سيخرج من جريمته بصك براءة! ولتكتفِ أم حمدان وبناتها بحمد ربهن على فك الأسر الذي امتد عشرين عاما، دون توجيه أدنى تهمه للجاني، تطبيقا وإنفاذا لمفهوم شعار (ولي أمري أدرى بأمري!)
وكم من ولي أمر عبث بتلك الولاية وعاث بها فسادا واستخدمها في غير محلها متجاهلا أنها أعطيت له تكليفا وليس تشريفا، وهي أمانة حُمَّل إياها، وحملها شكلا وتخلى عنها مضمونا، بل وأساء لمفهومها وشوّه بتصرفاته معاني الإسلام العظيمة التي ما فتئ رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام يؤكدها حتى آخر خطبة له في مكة (استوصوا بالنساء خير ) فأي خير بذله ذلك السبعيني وهو يعذب زوجته الكفيفة التي تجاوزت الخمسين وبناته الخمس التي بلغت أكبرهن ثلاثين عاما؟! وأي شرع يطبقه؟ وأي خلق يحكمه؟ وأي عقوبة تنتظره وهو قد عزى كل ما جرى منه من إجرام نحو أهل بيته إلى مرض نفسي ليتملص من العقاب؟! ولكن يبقى ربك بالمرصاد، فهو القوي وفيه العوض حين يستقوي الأقوياء ويُفقَد الأوفياء!!
ولك الله وحده يا أم حمدان، ولتبقى قضيتك شاهدا على عنف استثنائي يلغي جميع مصطلحات الدهشة والعجب!.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny