د. أبوزار جوهري *:
عشية بدء المحادثات النووية الجديدة بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين وألمانيا)، صعد المسئولون الأمريكيون والإسرائيليون لهجتهم بشأن نوايا إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
فقد صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تهديده بمهاجمة إيران إذا لم تتراجع في الصراع النووي ليست محض هراء، كما يتحدث الإسرائيليون بشأن التصرف بصورة «أحادية» إذا كان ذلك ضروريًا.
ففي الأشهر القليلة الماضية، صعد الغرب من ضغوطه على إيران بفرض عقوبات أشد قسوة على البلاد، بهدف إقناع إيران بتغيير موقفها بشأن القضية النووية.
فقد استهدف الغرب الشعب الإيراني عبر عقوبات زعم أنها «معوقة» من أجل جعل المواطن الإيراني غير راض عن حكومته ومن ثم إثنائهم عن دعم حكومتهم.
ولكن الغرب تلقى رسالة واضحة من الشعب الإيراني في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
فالنتائج العالية التي وصلت إلى 64% في انتخابات الثاني من مارس الماضي أثبتت أن الشعب الإيراني يدعم حكومته، وقد خيب الشعب الإيراني الآمال الأمريكية ووضع علامة استفهام كبرى على الحسابات الغربية بشأن إيران.
ولكن بالرغم من تلك الإشارة الواضحة من الشعب الإيراني، إلا أن المسئولين الأمريكيين والإسرائيليين كررا نفس الحسابات القديمة مع إيران في المؤتمر الأخير للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك).
إذن لماذا أطلقت مثل تلك التصريحات وما هو هدف الغرب من تلك اللهجة المعادية لإيران؟ إن الولايات المتحدة الآن في موقف ضعيف جدًا حيث فقدت الكثير من قواعدها العسكرية في العراق ومن المؤكد أنها سوف تجبر على تسليم قواعدها الأخرى في أفغانستان وفي دول أخرى في المستقبل.
الولايات المتحدة تصعد من ضغوطها على إيران من أجل أن تصرف الانتباه عن حقيقة أن الولايات المتحدة ذاتها تواجه هزيمة في عدد من الجبهات السياسية، كما أن إسرائيل في الموقف ذاته، وهذا هو السبب أن كلا الدولتين تستخدمان اللهجة ذاتها.
الغرب يستخدم كل الوسائل المتاحة له، بما في ذلك العقوبات، لمهاجمة إيران، ولكن بالرغم من الحديث عن أن «كافة الخيارات مطروحة على الطاولة»، إلا أنهم ليسوا في موقف يسمح لهم بشن هجوم عسكري على إيران.
لقد نفدت الخيارات لدى الغرب، لذا فإنهم يصعدون فقط من لهجتهم المعادية لإيران في محاولة فاشلة لتقوية موقفهم في المحادثات النووية المقبلة.
كما أنهم يحاولون أيضًا أن يظهروا أنهم جادون بلهجتهم الحادة، بالرغم من أن معظم العالم يرى تصريحاتهم على أنها تهديدات فارغة.
من الواضح أن العقوبات أحادية الجانب المفروضة على البنك المركزي الإيراني والمؤسسات الإيرانية الأخرى والهادفة لمقاطعة النفط الإيراني كانت الأوراق الأخيرة التي لدى الغرب ليلعب بها قبل المفاوضات مع إيران.
وفي مثل ذلك الموقف، فإن إيران لديها اليد العليا في المحادثات النووية وتستطيع أن تضع ضغوطًا دبلوماسية على الغرب، وإذا ما فشلت المفاوضات النووية القادمة، فإن الخاسر الأكبر سيكون الغرب وليس إيران.
يجب على الغرب أن يفهم أنه لن يصل إلى شيء بسياسته الازدواجية تجاه إيران، فسياسة «الحديث الناعم مع حمل عصا غليظة» أصبحت قديمة تعود إلى القرن الماضي.
إيران دولة قوية في الشرق الأوسط تتحدى الجهود الأمريكية وحلفاءها الغربيين للهيمنة على المنطقة.
* * *
* (طهران تايمز) الإيرانية