جاء تكوين “الدولة العبرية” بعد ثلاث سنوات فقط من “الهولي كوست”، والمحصلة النهائية أن كون لهم دولة في قلب المنطقة العربية والإسلامية والمفترض، أنه بعد معاناتهم، أن تؤسس دولتهم على أساس مغاير لما مر به اليهود من ويلات تحت الحكم النازي،

وفق ما يدعون، ولكن الوضع الحالي المبني على التوسع في الاراضي العربية، تحديدا بناء المستوطنات في الضفة الغربية، يجعلها تتوسع على حساب الدولة الموعودة للفلسطينيين، ومع المزيد من الحروب ومع توسعها في الضفة الغربية والوضع الحالي للمستوطنات، داخل حدود ما هو متعارف عليه، يعيش المستوطنون تحت الأنظمة المدنية، أما المستوطنون من اليهود في المستوطنات في الضفة الغربية فيعيشون تحت الأنظمة العسكرية، فأصبح للدولة العبرية، المدعية بالديموقراطية، وجهان: ديموقراطي في داخلها وآخر جبروتي استبدادي دكتاتوري في خارجها.

يذكر المحللون، من اليهود الأمريكيين، بل من الصهاينة أنهم يعارضون الوجه الدكتاتوري لإسرائيل لاعتقادهم أن ذلك سيعمل على هدم المبادئ الصهيونية، وبالتالي سيعمل ذلك على هدم الكيان الإسرائيلي برمته في المنظور البعيد. هنالك في الوقت الحالي “من اليهود الأمريكيين” من يدعو إلى مقاطعة اقتصادية لأسرائيل بسبب سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية. وتواجه الدولة الإسرائيلية خطرا لا مناصة منه، وحتى اعتمادها على التأييد الامريكي والدعم من اليهود الأمريكيين لن يستمر دونما تحول أمام الضغوط الدولية وأمام تحول مفاهيم الأجيال الشابة من اليهود الأمريكيين الذين لم يعيشوا “الهولي كوست” ذلك “الطبل” الذي طالما تضرب عليه وسائل الإعلام الصهيونية، لم يعد لذلك “الطبل” الوقع نفسه في نفوس الأجيال الشابة مثلما كان له الوقع العظيم في نفوس الأجيال السابقة من اليهود الأمريكيين.

والنتيجة المحصلة تضاؤل مستمر في التعاطف مع المؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة.

وهذا ما يحذر منه الإعلامي “ببتر بيرنات” في كتاب خرج له مؤخراً بعنوان “الأزمة الصهيونية”. ويتحول التضاؤل الديموقراطي الصهيوني إلى هزيمة ذاتية في الكيان نفسه، وبمعنى آخر فإن المؤلف للكتاب لا يتجاوز ما هو معروف في” سنن الله عز وجل الكونية” بزوال الطغاة والجبابرة بعدما تصل أنظمتهم إلى طرق مسدودة وعندما يكثرون في الأرض الفساد.