لما كتبت مجلة أميركية متهمة جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبد العزيز بتهم غير واقعية من أجل رفع تصنيفهما بين الجامعات العالمية، أنبرى بعض كتبتنا وأغلبهم من الأكاديميين للنيل من هاتين الجامعتين العريقتين وكالوا لهما من التهم والأقاويل التي فاقت ما قالته المجلة الأميركية، وكأنهم كمن يقول (جاك يا مهنا ما تمنى) مقالات تشم منها رائحة استشفاء، لا رائحة العلم والبحث عن الحقيقة, في حينها قلت إننا نحب جلد ذواتنا ونستلذ ذلك بشكل يفوق فرحتنا بإنجازاتنا!
قلت ما قلت نتيجة لما قرأته وتابعته عبر وسائل إعلامية مختلفة كان ضيوفها يتكلمون وكأنهم أعداء لهذه الجامعات وأعداء لهذا الوطن، يتكلمون بلغة الفرح لا بلغة الأسى والحزن ! يقولون قولاً يدل على حالة نفسية تجاه كل ما هو منجز وطني وكأنهم ليسوا من أهل هذا الوطن، يتكلمون بلغة التخوين تارة وبلغة الضعف العلمي تارة وبلغة الفوضى تارة أخرى.
قالوا ما قالوا ومضوا في حالهم فرحين مستبشرين هكذا فهمت أو هكذا أفهمونا، ليأتي الدليل فبعد أن أعلنت المجلة المذكورة (ساينس) اعتذارها وتراجعها عما ذكره الكاتب فيها (بانا شرجي) لم نسمع ولم نقرأ لهؤلاء كلمة اعتذار عما قالوا وكأنهم لم يقولوا شيئا أضر وآلم جامعاتنا العريقة وآلم كل منصف وقارئ للحقائق غير متربص أو هاو لجلد الذات والاستنقاص من كل منجز وطني!
أعجبني كثيراً الكاتب الأمريكي في الواشنطن بوست (بوب وودواد) عندما قال وعبر فضائية شهيرة وعلى الهواء إنني أعتذر عندما صدقت أبان حرب الخليج الثانية الكذبة الاستخباراتية الأمريكية بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل ولم أسعَ للتحقق من ذلك من مصدر مستقل، في تراجع مهني غاية في الأهمية، كنت أتمنى من كتابنا الذين نالوا من جامعاتنا معتمدين على تقرير كاتب أجنبي في مجلة أجنبية أن يعودوا ويعلنوا أسفهم وسقطتهم المهنية لكونهم اعتمدوا على رأي شخصي بحت ولم يكن دقيقاً، ولكنهم بكل أسف صمتوا صمتاً مؤلماً لا يدل على أدنى مستوى من المهنية الصحفية ولا من الأمانة الأكاديمية!!
قضية جلد الذات قضية متجذرة في مجتمعاتنا العربية وخاصة المجتمع السعودي حتى بات كل منجز جميل يكتب عنه كاتب منصف يعد من كتاب السلطة كما يقولون أو من المجاملين والمتزلفين وماسحي الجوخ، بينما من ينالون من منجزات الوطن ويحقرونها ويقللون من شأنها كتاب متميزون يملكون أخلاقاً عالية ومهنية متميزة!!
شيء مؤلم بحق أن نكون نحن من يقزم قاماتنا العظيمة ونحن من يحطم طموحات الطامحين من أبناء وطننا ونحن من يقلل من كل كثير ويفرح بكل قليل! شيء بحق مؤلم عندما أقرأ لأحدهم هجوماً على منجزات وطنية دون أدنى إنصاف، فليس من المعقول أن أي منجز وطني سالم من العيوب، كما أنه ليس من المعقول أن أي منجز وطني كله عيوب!
عقدة الإعجاب بالآخرين يبدو هي السائد لدى أغلبنا كما أن عقدة زامر الحي ما زالت قائمة بيننا وهذا مرض خطير يحتاج لضمائر حية وعقلية نيرة للقضاء عليه.
يبدو أن هناك إشكالاً لم يفهمه البعض ألا وهو التفريق بين النقد الموضوعي الذي يقدم الحقيقة مجردة من كل هوى ويستبين ذلك من خلال طرح الكاتب وبين جلد الذات، فالنقد الموضوعي يعتمد على بيان الأوجه الجملية في الموضوع وأوجه التقصير مع تقديم الحلول إن أمكن, بيمنا جلد الذات يأتي بصيغة تقزيم المنجز والتشكيك في الذمم والتهوين من الجهود، وهذا ما حصل من هؤلاء الكتاب الذين نالوا من إنجازات جامعاتنا وأخص جامعة الملك سعود، وعندما أخص هذه الجامعة لكوني أعرف منجزاتها بل ويعرفها كل منصف صادق فقد خطت خلال سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة خطوات هائلة جعلتها تحقق منجزات مهمة وكبيرة على كافة الأصعدة.
جامعة بحجم جامعة الملك سعود عندما تقوم بثورة شاملة من أجل حاضرها ومستقبلها وتسعى إلى أن تحقق إنجاز محلي وعالمي وتنال من سهام كتاب كان من المفترض أن يكونوا خير من يقف معها ويساندها في نهضتها ويدعمها بما يملك من خبرة وفكر فإنها بكل تأكيد ستتألم وتستاء من ذلك ولكنها بكل تأكيد لن يوهن عزيمتها ولن يوقف مسيرتها هؤلاء الظالمين لأنفسهم.
almajd858@hotmail.comتويتر: @almajed118