ما إن يهطل المطر على شمال المملكة أو جزء من شمالها الشرقي، وترتوي الأرض العطشى، ثم - بعد أيام - يكتسي ثوبها الأخضر المزركش بألوان البنفسج والأصفر والأبيض، حتى تجد (الشباب) خصوصاً في مختلف مناطق

ومحافظات المملكة قد تنادوا للخروج إلى البر، بحثاً عن بنات الرعد (الكمأ) المختبئة بين أزهار الربيع، أو من أجل الاستمتاع في أجواء الطبيعة الممزوجة بنقاء الصحراء في ليالي مقمرة معطرة برائحة القهوة السعودية، أو هرباً من واقع البحث المرير عن الوظائف السرابية في أروقة المصالح والجهات الحكومية.

ولأن تنادي الشباب لا يتخذ نمطاً معيناً في الترتيب والإعداد للرحلات البرية بسبب تبايُّن الظروف الاجتماعية لكل شخص أو شاب، لذلك يختلفون في مواعيد خروجهم وإن اتفق بعضهم، فهذا للتو يتحقق عن مدى جاهزية سيارته، وآخر يقوم بتركيب أجهزة الملاحة وتحميل خرائط الصحاري، وثالث مشغول بتموين الرحلة، ورابع ينتظر اعتماد إجازته لبضعة أيام من عمله الرسمي وغيرهم. في ظل هذا التضارب في المواعيد والاختلاف في الترتيبات تبدو العبارة الأكثر شيوعاً على خطوط الاتصالات بين الشباب هي: (الوعد بالشمال)، يقولها السابق للاحق. ومعناه نلتقي هناك، سواءً في الطريق إلى الشمال، أو في مكان ٍ شمالي اتُفق عليه وفق إحداثيات معينة.

اليوم تعود هذه العبارة الجميلة - الوعد بالشمال - إلى مشهدنا المحلي، ولكن بطريقة مختلفة وفي طيات خبر مفرح طار به بشير السعد نحو الشمال من وسط الرياض، فهذه المرة جاء غيث العزيز الحكيم على هيئة مدينة صناعية أمر بإنشائها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (يحفظه الله) في منطقة الحدود الشمالية، وأطلق عليها اسم (وعد الشمال) للصناعات التعدينية.

(وعد الشمال).. ربيع صناعي سيعم الإقليم الشمالي.. (وعد الشمال) بوابة النهوض الكبير لمنطقة عزيزة من بلادنا في إطار التنمية الوطنية الشاملة، حيث ستورق بآلاف الوظائف للشباب - بإذن الله -، ولن يكون موعدهم موسمياً بحثاً عن ربيع الصحراء، بل سيكون موعدهم مزدهراً طيلة العام بالاستقرار في ربيع بيئة العمل الحديثة، التي تسهم في بناء الوطن.. (وعد الشمال) ستجعل شبابنا يضبطون إحداثيات أجهزة ملاحتهم على مواقع التعدين ويصدّرون للعالم فخر الصناعة السعودية.. (وعد الشمال) قلبت معادلة شباب اليأس، الذين كانوا بالأمس يُطلقون أنفاس الحسرة في فضاء صحراء الشمال لعدم وجود فرص وظيفية، فصارت هذه الصحراء تستقبلهم اليوم بوعد مشرق بأمل الوظيفة ومستقبل الحياة الكريمة.

الـ (وعد) بالشمال طالما رددها شبابنا وهم ينطلقون في فيافي الشمال، ولم يكن في خلدهم أن ملكاً عظيماً سيجعل من هذه العبارة حقيقة بـ(وعد الشمال).. وأبو متعب إذا وعد وفى.