للمواطنة أبعاد عدة منها: البعد الإدراكي، فيه يتركز وعي (المواطن) في كنه الارتباط بالوطن الذي يمنحه حقوقه كاملة مما يجعله يدرك قيمة الموازنة بين طرفي العلاقة (مواطن) منتم، و(وطن) يفي له باحتياجاته.
ومنها: البعد الإرثي: وفيه يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المواطنة (تاريخ) متواصل و(إرث) قيمي معياري أخلاقي يتم دعم العلاقة فيه على أرضية وقناعات مشتركة.
ومنها أيضاً: البعد الإجرائي: ويرى أصحابه أن المواطنة ليست تصوراً مفاهيمياً جدلياً بل هي عملية إجرائية وسلوك أدائي وممارسات توافقية.
ومنها كذلك البعد (المضاميني)، وفيه اهتمام بالمضمون الحضاري وأثره الفاعل في الاعتداد بما أنتمى إليه من أجل تجويد (الفعل) الاجتماعي والتحقق من سلامة المبادئ والقيم الثقافية والقواعد العامة المنظمة لمناشط الفعل الاجتماعي وتأمين آلياته والتضامن في إدارة الأصول وفقاً للمبادئ والقيم الثقافية.
ونخلص من هذا بأن المواطنة هي: حب الوطن والتضحية من أجل أمنه وأمانه والإحساس بالرضا في الانتماء إليه والولاء لقيادته، والاندماج في نسيجه الاجتماعي، والتفاعل السوي مع قيمه ومعطياته الثقافية ودلالاتها التوافقية، وهذا يتمثل في المنتج الثقافي الراهن بما له من ثوابته التوقيفية، ومتغيراته التوافقية، وتوجهه الموضوعي لكل من النخبة وعموم المواطنين حيث الانتقال به من قراءة في المفهوم إلى (العمل) الإبداعي المهاري التقني مع مراعاة حجم ومقدار (المسؤولية الاجتماعية) ودورها في الحفاظ على قيم المجتمع، وصيانة مسلكيات أفراده.
وهذا هو أساس لتحقيق أهدافه وغاياته المشتركة في تحقيق التقدم وبلوغ نمط حياة أفضل ينبني على صدق الهمة، ونقاء الضمير، وأمانة التوجه، وإعمال العقل، وبذل أقصى الجهد، واستخدام المعطيات العلمية، ومناهج التفكير العلمي الرصين وتوظيفها لدعم قيم الهوية الثقافية والمواطنة الحقة، مع التسليم بأنها السبيل الأمثل وقوة الدفع الناجزة ودرع الوطن في حماية إمكانات التقدم والأمن الشامل لمواجهة متغيرات الحراك الاجتماعي وتحديات الواقع المعاصر بتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتهديدات ما بعد العولمة، وما بعد بعد الحداثة.. وسبيلنا إلى ذلك يتمثل في إيمان بالواحد الأحد سبحانه، ثم طاعة أولي الأمر منا، وثقة في الوطن الغالي، والتسلح بالعلم، وتطويع سلوك الإنجاز في ضوء الطابع الثقافي للهوية السعودية ذات الأصالة العربية.