فيما كانت القوى الدولية والإقليمية والمحلية السورية تنتظر أن يسهم الخطاب الرابع للرئيس السوري بشار الأسد في حلحلة الوضع في سورية، وأن يساعد على انفراج في علاقة النظام السوري بجماهير الشعب السوري الذين يتظاهرون يومياً في جميع المحافظات السورية.. بشار الأسد بدلاً من أن يساعد على إيجاد حالة تقود إلى معالجة الأوضاع وإبعاد التدخل الأممي الذي يقترب بصورة متزايدة نحو سوريا، إلا أن رئيس النظام السوري أحبط كل الآمال بعد أن حمل خطابه الاتهامات وحتى الإهانات لكثير من الأطراف بما فيهم شرائح كثيرة من الشعب السوري، فالمعارضون الهاربون من بطش النظام خونة ومتآمرون، والإخوان المسلمون اعتبرهم إخواناً للشياطين، أما أعضاء جامعة الدول العربية فهم مستعربون في مفهوم بشار الأسد، بما فيهم العرب العاربة الذين يعرف هو أكثر من غيره ماذا قدموا لسورية وحتى في وقت قريب.
الرئيس السوري في خطابه الأخير نسف كل الجسور ومع الجميع. وإذ لا تزال جامعة الدول العربية تتعامل مع مثل هذا النظام الذي يتهمها بالتآمر على بلاده، فإن مضمون الخطاب يؤكد بأن الأزمة السورية تتجه نحو الأسوأ بعد أن نسف الرئيس كل الجسور مع العرب ومع السوريين متظاهرين ومعارضة. وإنها ليست فقط تتجه إلى التدويل بل إنها فعلاً دخلت مرحلة التدويل بعد وصول الأسطول الروسي إلى طرطوس، ودخول المجاميع المسلحة المليشاوية من عناصر حزب الله اللبناني والمليشيات الطائفية العراقية، وخبراء الحرس الثوري الإيراني.
الفرز على الأرض السوية بدأ يأخذ أبعاداً خطيرة، ففي مواجهة المتظاهرين السوريين السلميين الذين يتزايدون يومياً ومعهم أعضاء الجيش السوري الحر المكون من المنشقين من الجيش السوري، يقف الشبيحة وعناصر حزب الله وخبراء الحرس الثوري الإيراني والمليشيات العراقية معززين بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهو ما يؤشر إلى حدوث تصفية للمتظاهرين وارتكاب مجازر بدأت ملامحها تظهر بارتفاع عدد ضحايا المظاهرات منذ وصول المراقبين العرب، حيث وصل العدد إلى أكثر من أربعمائة مواطن سوري، وهذا ما سيدفع القوى الدولية إلى التحرك ونقل الأزمة السورية إلى مجلس الأمن ليتم التعامل معاها في إطارها الحقيقي بعد تدخل أكثر من طرف دولي بدءاً من روسيا إلى إيران دون إغفال المليشيات القادمة من لبنان والعراق.