تحدث معي أحد الأقارب عن موضوع مشاركاتي الصحفية منتقدا أنني أكتب فقط عن بعض المواضيع التي تخص التعليم بشكل كبير وهو مجال عملي كتربوي ولا أتطرق إلى مواضيع أخرى إلا نادرا. مدعيا أنني لن أحصل على متابعة من قراء كثيرين مثلي مثل باقي الكتاب لأنهم وأقصد أغلب الكتاب أصبحوا ينتقدون بشكل كبير كل ما في المجتمع وكأن مجتمعنا خالي الوفاض من الإيجابيات للأسف.
عللت له موقفي بأنني أكره الانتقاد إلا للضرورة القصوى لأنني متفائل ولله الحمد في كل شيء وهو ما أمرنا به ديننا الحنيف قال صلى الله عليه وسلم (تفاءلوا بالخير تجدوه).
من الطبيعي أن ينتقد الإنسان بل أقولها للأسف إننا شعب بارع بل وصل إلى حد الإبداع في الانتقاد حتى لو اكتملت كل متطلبات ما تم نقده فلابد من الانتقاد ليكون للمنتقد بروز وتناقل لذلك النقد بين شرائح المجتمع.
لابأس بالنقد البناء الذي يكون مصحوبا بحلول للمستقبل لا أن يكون نقداً فقط بدون حلول وهو ديدن الكثيرين وهي حقيقة مشاهدة وتطفو على سطح الواقع، إذ على الكاتب أن يقدم نقده من خلال إيضاح الإيجابيات والسلبيات ومن خلال تسليط الضوء على الجديد وعلى نقطة محدّدة بذاتها وفي كلّ الأحوال إن كان بإمكانك أن تقدم حلاًّ أو مقترحاً أو علاجاً فبادر وسيكون نقدك مقروناً بما يعين المنقود على التخلّص من سلبياته.
لا يلعم ما في السرائر إلا الله وما تخفيه الضمائر وتنوي فعله القلوب لذا وجب علينا أن لا ننتقد إلا على ظاهر المسائل وأما باطنها فلست عليها بحفيظ وما أنت عليها بوكيل فلنترك التفرس والادعاءات الأخرى التي تبرر لك ما تقوم به أحيانا عن طريق الخطأ. ومن الأفضل أن تطرح اقتراحاتك بأسلوب لطيف.
لاتنس أن تعطي من تنتقده فرصة للدفاع عن نفسه إذا كنت تريد الأصلح حتى ولو تكونت لديك فكرة عن شخص تكون صورة سلبية فلا تستعجل بالحكم عليه أعطه فرصة كافية ليقول ما في نفسه وليدافع عن موقفه وافعل تماما كما يفعل القاضي العادل فهو يضع التهمة بين يدي المتهم ويعطيه فرصة للدفاع عن نفسه وموقفه.
للأسف أن الحزن والكآبة سيطرت على كيان حياة كل فرد من أفراد مجتمعنا بسبب تلك الانتقادات التي كما ذكرت أصبحنا نتفنن فيها ونتنافس فيها وملأت أعلامنا بجميع أطيافه بل حتى مجالسنا.
لم لا نتحدث عن إيجابيات المجتمع لتبعث إلى حياتنا السرور والفرح وعليه بالتأكيد سوف يدركون ذلك الشعور بالفرح مما سيكون دافعاً للعطاء أكثر من ذي قبل. ولنعلم أن بين النقد والبناء علاقة جدلية مهمة بل إنها عظيمة الأهمية يتغذى كل منها على الأخرى.
إن من أسباب قبول نقدك ونصيحتك وقد يصل إلى الشكر على النقد وإعطاء ابتسامة عريضة لك أن تكون صياغة نقدك سلسة عذبة منمقة وتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن نقدك سيكون له وقع طيب وأثر على نفسية المنقود وهو ما نطمح إليه لنرتقي بكل جانب من جوانب حياتنا.