كنت في جازان لأول مرة، بعد انتفاضة الأقصى المباركة عام 1987م، حين كان كل الأطفال العرب ملهمين بثورة الحجارة التي صاغها الصغار الفلسطينيون ضد همجية الجيش الإسرائيلي بكل عدته وعتاده. كنت هناك، ضيفاً على أطفال جزيرة فرسان، التي وصلتها على متن قارب صيد متواضع، صارع الأمواج الهائجة ببسالة معتادة!
لم أتفاجأ بكمية الوعي لدى هؤلاء الأبرياء، الذين كانوا يحفظون أسماء الشهداء، ويكتبون عنهم قصائد وخواطر، وذلك لأنني أعرف أن جازان الفقيرة، غنية بسحر الطبيعة وبالثقافة التاريخية وبالشعر. فأهل هذه المنطقة النائية بالبحر والأدغال، متسامحون إلى درجة، تشعر معها أن لا أحد أخطأ في حقهم! ولذلك، كلما أقرأ أو أشاهد عملاً عن جازان أو لجازان، أفرح. ومنبع فرحي أن الآخرين سيستمتعون بهذا العمل الذي سيفتح لهم آفاقاً لم يسبق لهم أن شاهدوها.
في هذا السياق، أرجو أن تكون السلسلة التي تنشرها جريدة عكاظ عن جازان، بداية لوفاء صحفي لمناطقنا النائية، وليست رد فعل لأخطاء ارتكبت في حق المنطقة. كما أتمنى أن تتواصل مثل هذه السلاسل في كل صحفنا، لكشف كنوز الإنسان في المناطق المنسية الأخرى، شمالاً وغرباً وشرقاً.