تقدمت المرأة خطوات واسعة في الاقتراب من صنع القرار وأعطيت الضوء الأخضر لتشارك في الشأن العام.

المرأة تتقدم، تحصل على حق دخول مجلس الشورى، وحق الترشح والانتخاب في المجالس البلدية.

تتقدم المرأة، تحصل على بطاقة شخصية، وتحصل على بطاقة عائلة مع أبنائها إذا كانت مطلقة.

المرأة تتقدم، هناك جهات رسمية تستقبل شكواها، إن شكت عنف زوجها أو والدها أو أشقائها، ثمة قوانين تجعل من الدولة قادرة على إيواء المرأة في دور الحماية الاجتماعية إذا ثبت تضررها من وجودها مع أسرتها.

المرأة تتقدم، تسافر، تدرس، تتخرج، تتحدث، تكتب، تناقش، تطالب القاضي بأن يكون منصتا لها، تطالب المسؤول أن يراعي أنها مواطن له حقوق وعليه واجبات.

المرأة تعمل، تستقل ماديا، تتساوى أو تكاد تسحب بساط القوامة، فقد ربطها الشارع الحكيم بالإنفاق وإذا شاركت المرأة في الإنفاق فهي مساوية للرجل في القوامة، وإن انفردت في الإنفاق انفردت في القوامة.

الخطر أصبح داهما على أنصاف الرجال، تقدُّم المرأة يهدد سلطانهم الاجتماعي الوهمي الواهن، وإلا من كان سلطانه مستويا على عروشه لم يخفه أن تكون المرأة قوية عزيزة بذاتها.

الخطر يهدد أنصاف الرجال، لم يكن من بد لضرب تقدم النساء في مقتل، وليس أشد من لمز الأخلاق حتى ينتاب كل المجتمع خوف وهلع من المزيد من التقدم، فيكون التراجع ويكون النكوص وتسارع النساء إلى إثبات براءتهن بالتنصل من كل ما هو مرتبط بتقدم المرأة، وهذا هو المطلوب تماما.

يحاول هؤلاء أن يربطوا بين المطالبة بالحقوق وبين الفساد والاختلاط والتحلل من أعراف المجتمع.

ويحاول هؤلاء تشويه نجاح النساء وتفوقهن وربطه بقبولهن الابتزاز وخضوعهن للمساومة، وكل هذا لا يعدو أن يكون حيلة ومقاومة من النسق الاجتماعي الذكوري الذي يهدده نجاح المرأة وحضورها.

- وهذه فكرة لطالما تعلمناها من صاحب كتاب المرأة واللغة د. عبد الله الغذامي الناقد الأدبي سابقا, الشاهد على العصر حاليا.

كثيرات لا يقبلن الاختلاط ولا يحضرن المناسبات المشتركة - تحكمهن أعراف أسرهن وتقاليد قبائلهن - وإلا فإن في الاختلاف الفقهي سعة ومندوحة - لكنهن في الوقت ذاته لا يقبلن أن تتحول أخلاق زميلاتهن الناجحات من سيدات الأعمال أو من الطبيبات أو من الأديبات أو الإعلاميات اللاتي تحكم طبيعة أعمالهن ضرورة الوجود مع زملائهن من الرجال في أجواء عمل وتقدير واحترام مثل كل البشر الأسوياء في بلاد الله، أو أولئك السيدات اللاتي ينتمين إلى أعراف وتقاليد تبعا لمناطقهن ولا تجد عاداتهن بأسا في ذلك الوجود المشترك - فيتحول هذا إلى ورقة يلوح بها أنصاف الرجال بين الفينة وأختها للإساءة إلى نجاحات النساء وإشاعة صورة ذهنية تثير مخاوف المجتمع وتؤدي إلى نكوص نسوي يبحث عن السلامة من ألسنة حداد لا إلّ لها ولا ذمة.