من المكرر والحديث المعاد القول بأن مراكز البحث العلمي الأساس الذي تقوم عليه كثير من الأمور في العالم المعاصر في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، فهذه المراكز هي التي تتولى دراسة الواقع وتتفحص المشكلات وتبحث عن الحلول، ومن ثم تقدم الآراء والأفكار التي تساعد على تنفيذ المشاريع البناءة أو وضع الخطط الصائبة لمواجهة الكثير من الأزمات والقضايا السياسية والاقتصادية.
وعلى الرغم من مضي وقت طويل على انتشار التعليم الجامعي والعالي في المملكة ووجود أساتذة درسوا في العالم الغربي يعرفون أهمية هذه المراكز ويدركون دورها وإسهامها في الحياة المعاصرة، إلا أنهم لم يقدروا على تنفيذ مثل هذه التوجهات العلمية البحثية داخل المملكة، ولا نعرف الأسباب وراء ذلك، فإذا كانت المادة هي السبب فإننا نعرف أن هناك ميزانية ضخمة تنفق على الجامعات والمؤسسات البحثية القائمة، وهي قليلة جداً، غير أن ما قدمته هذه الجامعات والهيئات في مجال البحث العلمي ضئيل جداً، ثم أنه من المعروف أن المراكز البحثية المعاصرة تكون مستقلة وتتخصص في موضوعات محددة إنسانية وعلمية، ولكل منها أهميته ودوره في بناء المجتمعات الحديثة.
إن المطلوب كمرحلة أولى أن تهتم الجامعات بالمراكز البحثية، وتعطيها حقها من العناية مقتدية بالنماذج الغربية والآسيوية الشرقية، وهي لا تخفى في تنوعها على المسؤولين في هذه الجامعات وفي وزارة التعليم العالي.
كما أن من المهم إنشاء مراكز بحثية مستقلة تعمل على تقديم دراسات نافعة تستفيد منها كل أجهزة الدولة كل في مجاله، وتنعكس على مسيرة المجتمع.
إن قيام المراكز البحثية خطوة مطلوبة للاستفادة من العناصر الإنسانية من أساتذة جامعات لديهم قدرات بحثية واهتمام. وكذلك يمكن الاستفادة من الأساتذة الذين وصلوا سن التقاعد وتعبوا من التدريس ولهم أيضاً اهتمام بالبحث العلمي ووجودهم في المراكز سيكون مفيداً لهم ولهذه المراكز المقترحة.
إنه حديث مكرر ومعاد، ولكن لعل في التذكير ما يحيي الفكرة أو يلفت الانتباه إليها فهي عصب الحياة المعاصرة.