ذات مرة قال قاضٍ فرنسي: (كل مجتمع يفرز المجرمين الذين يستحقهم)؛ وتقول الإحصائيات كما ذُكر في جريدة الرياض لعام 1431هـ.. (إنّ القضايا التي تم التحقيق فيها وتعلّقت بالاعتداء على الأعراض والأخلاق, بلغت النسبة الأعلى من حيث الكم, حيث وصلت إلى نحو 28 ألف قضية, تمثل 38% من إجمالي تلك القضايا ... إلى نهاية المقال)..

..أي بمعدّل جريمة كل 50 دقيقة, رقم مزعج ومخيف جداً..!. وحتى يتعيّن لنا حل القضايا، يجب أن نضعها تحت الضوء بموضوعية بحتة دون انحياز لنظرة التفاؤل أو التشاؤم, وها أنا أقدم أرقاماً والأرقام كما يُقال لا تكذب, وحديثي لا يتوه عن طريق الواقعية والعقلانية..!

السؤال الأهم من الأهمية هنا.. هل تستحق أعراضنا وأخلاقنا أن تصاب برؤوس رماح تلك الجرائم المسنّنة؟ بالتأكيد وقطعاً لا, إذن لماذا يتربّع هذا النوع من الجرائم على قمة الهرم؟!.

أسباب حدوث الجرائم الأخلاقية كثيرة ومتعدّدة ومنها.. ضعف الالتزام بتعاليم الدين, وتفكُّك الأسرة, سوء التنشئة الاجتماعية, سوء بيئة العمل, الفقر, البطالة, الرخاء الاقتصادي وارتفاع مستوى المعيشة, وقت الفراغ, الأحياء المزدحمة, ما يقدّم في وسائل الإعلام والاتصال, ضعف وفقر التأهيل لمن بداخل السجون, أيضاً من الأسباب الهجرة الداخلية إلى المدن أو المراكز الحضرية, العنف الجسدي, التعرُّض للاغتصاب في الصغر, المرور بتجارب فاشلة في الزواج والعلاقات العاطفية, إدمان المخدّرات والمسكرات.

هذا ما أمكنني ذكره في مساحة هذه المقالة المحدودة, وهذه الأسباب المذكورة أعلاه من أهم الأسباب المؤدية للجرائم الأخلاقية كالزنا والسفاح (زنا المحارم) والبغاء والدعارة, وانتهاك الأعراض كالابتزاز والاغتصاب والاعتداء الجسدي.

فهذه النسبة الكبيرة التي ذَكَرَتها الإحصائية والأسباب المتعدّدة, تتطلّب وقفة جادة من الشخصيات القيادية المسئولة في المجتمع ومؤسسات الدولة ورجال أعمالها ورجال دينها, لتتكاتف وتتعاون وتعمل على ردم هذه الحفرة العفنة، والعمل على تقليص وتقزيم مسبّباتها..

فسياسة (إدارة الأزمات) سياسة غير فعّالة وغير مجدية إطلاقاً, لأننا نحتاج إلى استراتيجيات مستقبلية بحزمة متكاملة من الرؤى والخطط الإصلاحية المثمرة. فلا يجب علينا قتل البعوض مادام بوسعنا تجفيف المستنقعات.

ذهب السنابل: (لا خير في قول بلا فعل, ولا في منظر بلا مخبر, ولا في مال بلا جود, ولا في صديق بلا وفاء, ولا فقه بلا ورع, ولا في صدقة إلاّ بنيّة, ولا في حياة إلاّ بصحة وأمن)... «الأحنف بن قيس».