أصدرت الجهات المعنية خلال العشرين عاماً الماضية عدداً كبيراً من قرارات سعودة أنشطة تجارية مختلفة لتوفير فرص عمل للمواطنين في القطاع الخاص كقرارات سعودة الليموزين،
وبيع الخضار والعود والعطور والهدايا والمفروشات والقرطاسية والجوالات وقطع غيار السيارات ومواد البناء وغيرها ورغم التصريحات الإعلامية النارية المتكررة لعدد كبير من المسؤولين بعدم تهاونهم في تطبيقها إلا أنهم تجاهلوا تنفيذها ومعاقبة مخالفيها وسيطر الوافدون والمتسللون على كافة الأنشطة التجارية بشكل كامل.
وقبل سبعة عشر عاماً صدر أيضاً قرار ينص على إلزام المنشآت التي يعمل فيها عشرون عاملاً وأكثر بزيادة نسبة السعودة بنسبة لا تقل عن 5% من إجمالي العاملين سنوياً ومعاقبة المخالفين للقرار بوقف إصدار التأشيرات، ووقف تجديد الإقامات ونقل الكفالات، والحرمان من الدخول في المناقصات الحكومية، وتطبيق هذا القرار والتزام الشركات والمؤسسات به يعني أن المواطنين أصبحوا الآن يشغلون سبعين بالمائة من إجمالي عدد العاملين فيها، أو أنها لم تلتزم به وتم حرمانها من التأشيرات ونقل الكفالات وتجديد الإقامات والمناقصات الحكومية فأعلنت إفلاسها وأغلقت أبوابها.
والحقيقة المؤلمة أنه لم تلتزم بهذا القرار أو تبدأ بتنفيذه الغالبية العظمى من الشركات والمؤسسات وخاصة (الشركتين الضخمتين الشهيرتين) ولم تتم معاقبتها بما ورد فيه من عقوبات ولا زالت تحصل على التأشيرات وتجدد إقامات عمالتها وتلتهم بالمناقصات والتعميد المباشر والهبات والمنح عقوداً حكومية بعشرات المليارات من الريالات سنويا ولا زالت وزارة المالية تجيز هذه العقود وتقوم أيضاً بتوقيع عقود ضخمة مباشرة معها رغم أن القرار يمنع صراحة ترسية أي عقود حكومية عليها؟
والآن وبعد مضي سنوات عديدة على صدور سلسلة طويلة من قرارات سعودة فاقت تصريحات مسؤولي الجهات المعنية بشأنها الفرص الوظيفية التي حققتها، وبعد الزيادة الكبيرة في عدد المواطنين العاطلين، وعدد الوافدين والمتسللين الذي يعمل الملايين منهم في البيع وفي وظائف عادية تتوفر مؤهلاتها في غالبية العاطلين.. تبين لنا أن مصلحة هوامير القطاع الخاص وشركائهم والمنتفعين منهم تفوقت على مصلحة الوطن والمواطنين وهزمتها بالضربة القاضية بمباركة أجهزة حكومية تخاذلت أمام نفوذ وقوة وثراء القطاع الخاص وتجاهلت تطبيق قرارات تضمن توفير عمل لمئات الآلاف من المواطنين العاطلين المستحقين المتلهفين إلى فرص عيش كريم في بلدهم الذي يحتضن تسعة ملايين وافد نظامي وملايين الوافدين غير النظاميين الذين يشغلون وظائف لهم الأولوية فيها.
وأخيراً فإنه ينبغي محاسبة الجهات التي تخاذلت عن تنفيذ قرارات سعودة اكتشفنا بعد عشرين عاماً من الوعود الوهمية، والتصريحات النارية، والمؤتمرات الإعلامية أنها كانت قرارات صورية، أو ألعاب نارية أبهرتنا ألوانها، وأرعبت القطاع الخاص أصواتها.
واختفت آثارها فور إطلاقها.