لعل الشارقة ارتبطت بحاكمها الشيخ د.سلطان القاسمي الذي تربى على الوطنية وترعرع على المبادئ القومية الوحدوية وكانت عقيدته مقرها قلبه» فقد حملت منه ملامحه واشتهرت بما اشتهر به من حب التراث وطبعت بطابع ثقافي يتجلى هذه الأيام بمعرض الشارقة للكتاب حيث دعي إليه عدد كبير من وزراء الثقافة والتعليم العالي والمثقفين والأدباء والإعلاميين في تظاهرة كبيرة تؤكد أن هذه الديار شعلة ثقافية متوقدة ومجتمع فكري دائم متجدد.
معارض الكتب همزة الوصل بين الأفكار والأشخاص والمجتمعات والثقافات حيث تمتد الجسور لتشكل فضاء معرفيا شاملا يعبر منه وإليه شرائح مختلفة من العقول والبشر والثقافات والأعمار والأجناس، ولا تقتصر هذه المعارض كونها محطات لبيع الكتب وأرفف عرض لها بل تعدتها لتكون مشاريع ثقافية تتنوع بين الندوات والمقاهي الثقافية والأمسيات والتقاء المثقفين على هامشها، ولعل تميز معرض الشارقة هذا العام كان وراءه أسباب كثيرة إذ إنه يحتفي بعامه الثلاثين وبضيف شرف يحل عليه لأول مرة منذ إقامته وهو المملكة العربية السعودية والتي تميز جناحها وتميزت وزارة التعليم العالي بما قامت به من جهود وتنظيم ندوات مصاحبة وعرض ثري منظم لجناح المملكة في المعرض بترتيب مختلف ومتجانس لجهات مشاركة وقد فاق عدد زائري الجناح التوقعات وكذلك الثناء عليه لما سلف ذكره وبما تنوع من عرض للوحات تشكيلية لفنانين من المملكة كذلك لكتيبات مجانية وتغطية يومية لنشرة ورقية حملت اسم «ضيف الشرف» وحضرت مجلة الراصد التي تشرف عليها الملحقية الثقافية السعودية التي تعدى دورها الإشراف التعليمي إلى رسالة أكثر تمثيلا لمملكة ثقافيا وفكريا عبر ملحقها د. صالح السحيباني والمشرف الثقافي أ. عبدالمحسن دجد الحارثي.
د. سلطان القاسمي حاكم الشارقة حضر معظم الندوات التي أقيمت مصاحبة للمعرض وكان أبرزها الندوة التي شارك فيها بعض وزراء الثقافة العرب وضمت عناوين مهمة جداً «مظاهر الاستثمار الثقافي» لمعالي وزير الثقافة والإعلام السعودي د.عبدالعزيز خوجة، «الثقافة العربية في عصر الوسائط المتقدمة» لوزير الثقافة القطري د.حمد الكواري، والسياحة صناعة وثقافة لوزير الثقافة المصري معالي عماد أبو غازي، كما واقع الثقافة العربية لمعالي سهام البرغوثي وزيرة الثقافة الفلسطينية التي أشادت بموقف المجتمع الدولي ودوره في دعم فلسطين في فوزها بعضوية اليونسكو.
ولأن الندوة خلت من المداخلات فإنني أود أن أضع مداخلتي هنا بين يدي القارئ ومن يقرأ مقالي من أصحاب المعالي الذين شاركوا فيها: د.خوجة: مباركة مظاهر التنمية الثقافية التي تبدو جلية في المملكة وهذا يجعلني أستفسر متى سيكون للشاعر أو المبدع الشعبية التي يحظى بها لاعب الكرة مثلا؟ د.الكواري: هل استطاعت وسائط التقنية المتقدمة النهوض بالمشهد الثقافي وجعله شأنا شعبيا؟ وسؤالي لمعالي الوزيرة الفلسطينية: كيف ستستفيد فلسطين من فوزها بعضوية اليونسكو في الحفاظ على هويتها الثقافية من الطمس؟ وأمير الثقافة حاكم الشارقة د سلطان القاسمي: هل يمكن أن تتحول رائعتيك «سرد الذات» و»حديث الذاكرة» إلى تقنية مرئية؟ وبخاصة أن هذا عصر الصورة؟ الأستاذ عبدالرحمن العويس لقد أحسنت وأبدعت في تقديم ورقتك حيث جعلتني أقف مع ذاكرتي أستذكر من دفعوني لما وصلت إليه بحمدالله.
«مكتبة في كل بيت» مشروع حاكم الشارقة قد آتى أكله وحقق مبتغاه حيث يتجلى هذا في ثقافة الجيل الجديد في الإمارة وبدا واضحا ذلك ممن التقيتهم من الشباب الذين يتحدثون بوعي عن الشأن الثقافي وعن كتب قرأوها وحفظوها عن ظهر قلب.
هنيئا للثقافة بهذا الحراك الرائع لأطياف متعددة استطاعت أن تنهض بها مع أمنياتي الحقيقية أن تصبح شأنا شعبيا وللمثقف شعبية كتلك التي حققها الرياضي والفنان.
من آخر البحر
سأغضب على الشمس
فهي حين اشتقاقا.. غفت أحلامنا.
mysoonabubaker@yahoo.com