.. أتذكر قبل أربعة عقود.. وبضع سنين لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة.. وفي شارع البطحاء الشهير الموازي لشارع الوزير بالرياض.. وقعت عيني على سلسلة كتيبات (الجيب) تحمل عناوين براقة وجذابة.. وتحثك على الشراء العاجل.. وكيف لا تندفع للحصول على نسخة واحدة منها.. أنا.. وأنت.. في تلك المرحلة الزمنية لا نعرف سوى اللغة الأم (العربية) وتبرز اللهجة المحلية بشكل مميز.. وإذا فجأة هناك عنوان عريض بصيغة السؤال.. كيف يمكنك أن تتعلم الإنجليزية في خمسة أيام؟
.. ثم نفس العنوان بالنسبة لغير الإنجليزية من لغات كالألمانية والروسية والفرنسية والفارسية.. ونحوها من لغات (حية) أو (ميتة)
.. لازلت من تلك الفترة محتفظاً بتلك (السلسلة) للذكرى.. ومن دون معرفة أي لغة.. ولا هم يحزنون!
.. قال في خمسة أيام تستطيع أن تتحدث أي لغة عالمية بطلاقة.. صدق أو لا تصدق!!
.. الآن حزنت كثيراً على ياسر القحطاني وأشفقت عليه.. وكم تمنيت لو لم تتم عملية إشراكه في 5 أو 8 دقائق من آخر زمن مباراة منتخبنا السعودي مع نظيره العماني.. وكأن عنوان ريكارد.. كيف يمكن لياسر أن (يتقن الهولندية) آسف.. أن يحرز هدف الفوز في مرمى الدولي علي الحبسي.. وأن يخرج الجمهور الأخضر الذي زاد حضوره عن 60 ألف متفرج باسماً.. فرحاً ومسروراً!
.. ياسر.. وغير ياسر.. حتى وإن كان أفضل لاعب عالمي تسجيلاً للأهداف ليس بمقدوره فنياً ونفسياً صناعة هدف في دقائق محدودة ومصيرية.. بينما عجز غيره عن التسجيل لأكثر من 85 دقيقة..
.. كأن ريكارد - سامحه الله - اتخذ من ياسر (كبش فداء) فدأب على إشراكه والزج به في أوقات عصيبة وحرجة جداً.. والدفع به بعد (خراب مالطة) ومن ثم توجيه رسالة له من كلمتين (ورنا شطارتك)
.. بالتأكيد.. ياسر لن يفعل شيئاً خاصة وأنه لا يمتلك عصاة سحرية!
.. و.. سامحونا!
سيدني.. يا هي قريبة!
ليست قريبة المسافة.. ولكن سيدني قريبة الوقت.. وكما قلت عن أولمبياد لندن.. فهو بين قوسين!
.. مواجهة أستراليا المتصدر في عقر داره ووسط جمهوره بعد حوالي 100 يوم.
.. هل ينجح ريكارد خلال تلك الفترة من تعليم (بواسل المنتخب) إتقان لغة تسجيل الأهداف بالأسترالية ولكن ليس في خمسة أيام.. وبالتأكيد أيضاً ليست بموجب طريقته الخاصة الشهيرة بالياسرية.. والتي تريد من ياسر (شق أنفاق) و(فتح كباري) في فترة قياسية لا تزيد عن دقائق ثماني!
.. و.. سامحونا!
خاتمة: حقاً.. من لا يأكل بيده لن يشبع.. وعلى لاعبي الأخضر بقيادة ريكارد التحضير جيداً لتناول الوجبة الأسترالية باعتدال.. وتوازن.. وإلا فإن ورقة التأهل الثانية ستذهب للأشقاء في عمان أو تايلاند الغارقة!
.. و.. سامحونا!