هناك صفات وملكات لا بد من توافرها في شخصية الإنسان لكي يتسنى له القيادة والإدارة، فالحكمة المقرونة بالحزم، والتوازن، والانبساط، والقدرة على التعامل بحنكة مع الأزمات، وقوة الشخصية، والثقة المطلقة بالنفس، والصبر، والابتعاد عن العزلة، والنرجسية وحب الذات والفوقية والتعالي والخيلاء،
ومشاركة الناس في همومهم وتطلعاتهم، وبعد النظر، وما إلى ذلك، بالإضافة إلى عامل الخبرة والتمرس في صقل موهبة القيادة الناجحة لدى الأشخاص المتطلعين، إن الإداري الذي يتوق للنجاح والفلاح يحتاج إلى انتقاء البذور الجيدة ومنابع المياه ومصبات السيول، بالإضافة إلى توافر العوامل الأخرى الداعمة بشقيها المكتسب والموروث، إن هناك عاملا مهما آخر هو وجوب قدرة الإداري الناجح على الاستفادة من التجارب والدروس والأزمات التي يمر بها هو شخصيا، ثم يحاول أن يتأملها ويدرسها بتركيز عالٍ، لكي يطور من خلالها حنكته القيادية والإدارية مع مرور الوقت، إن الإداري والقيادي الناجح والبارز يحتاج إلى مثل هذه الخبرات التراكمية الكبيرة، بالإضافة إلى وجوب ابتعاده عن القرارات الفردية والارتجالية وألا يعتمد عليها وألا يجعلها منهاجا ومرتكزا شخصيا له، وعليه أن يعتمد في صياغة القرارات الإستراتيجية والهامة والمصيرية على مجموعة من الاستشاريين المتمرسين لكي تكون قرارات جماعية وليست فردية، إن نظام المؤسسات الناجحة يمنع تركيز السلطة في شخص واحد، لكن هذا لا يعني تسلل الضعف في اتخاذ القرارات إلى نفوس الأشخاص القياديين، فإذا ما تطلب ظرف ما معين أن يُتَّخذ قرار صائب وسريع ينبغي ألا تكون اللامركزية عائقا لمثل هذا الإجراء القيادي الهام والحاسم، ولابد أن تظهر هنا الملكات القيادية للإداري الأعلى حتى لو كان تحركه وقراراته محكومة بسقف وصلاحيات محددة، فهناك دائما هامش لموهبة القيادة والحنكة والخبرة القيادية، تتيح للإداري الأعلى أن يتخذ القرار المطلوب من دون التجاوز على النظام والقانون، إن اللامركزية نظام صائب تحد من تفرّد الإداري الأعلى وتحد من تجاوزاته لكي لا يقع في الخطأ، إلا إذا كانت مصالح المنشأة مهددة بصورة مباشرة، هنا تتطلب المعالجة تركيزا لسلطة الإداري الأعلى بدلا من تشتيتها، بمعنى أوضح، إذا كان هناك خطر إفلاس أو خطر فشل يتهدد مصالح المنشأة الاقتصادية أو غيرها، لابد أن يكون هناك تحرك سريع للمعالجة والتصدي من قبل الإداري الأعلى، على خلاف الأزمات العادية اليومية وغير الخطرة والمحصورة في نطاقات معينة التي تتيح هامشا من التأني والهدوء في المعالجة، إن محدودية الصلاحيات الممنوحة للإداري الأعلى لا يمكن أن تكون عائقا أمام شخصيته ومواهبه وحنكته القيادية التي اكتسبها من تراكم الخبرة في العمل القيادي والإداري، بل يجب أن تمنحه فرصمتعددة لاكتساب المهارات القيادية، وتراكم الخبرات لديه في التعاطي مع عملية صنع القرار، إن الشخص الذي يزاول العمل الإداري يحتاج إلى الاحتكاك الميداني في ممارسة عمله، لكي يتعلم من أخطائه وأخطاء الآخرين، ويضاعف خبراته مع مرور الوقت، وإذا كان مؤهلا أصلا للقيادة، فإن العمل الميداني المباشر يصقل شخصيته القيادية، ويجعله أكثر حنكة ونجاحا، ولكن يعتمد الأمر على مدى إصرار الإداري عموما على تطوير مهاراته القيادية، وهكذا تكون الخبرة المتراكمة عاملا مهما في نجاح القادة الإداريين باتخاذ القرار المناسب والملائم، إن المطلوب من الذين يريدون أن يصبحوا قادة إداريين ناجحين ومتميزين، عليهم أن يضاعفوا من جهودهم النفسية والبدنية وقدراتهم وخبراتهم من أجل التفوق وعدم الفشل، إن القادة الإداريين الناجحين والمتميزين والحازمين والفريدين والملفتين للنظر لديهم مواهب القادة في التشكيل والتنوع والفكر والعقل واتخاذ القرار الصائب والسليم، ولكي تكون مثلهم وتتصف بصفاتهم، عليك أن تفرق جيدا بين أن تكون إداريا دكتاتوريا صلفا بكل المقاييس، وبين أن تكون إداريا ديمقراطيا محنكا شفافا بكل المقاييس.
ramadanalanezi@hotmail.com