|
قوةُ الدولة وهيبتُها في السياسة الحكيمةِ لدى ولاة الأمور فيها، وكذلك في إعداد ما يلزم إعدادهُ للحفاظ على وحدتها وسلامتها وتطوير قوتها كإعداد الجيش الذي يتولى حماية الوطن. ودولةٌ كالمملكة العربيَّة السعوديَّة التي تحتلُّ مكانةً عظمى في العالمين الإسلامي والدولي؛ لأجل الموقع العربيِّ الجغرافيِّ والقوة الاقتصاديَّة ووضوح المنهج في التعامل الدبلوماسي وارتسام الصدق والالتزام بالعهود والمواثيق الدوليَّة.. وكذلك للمكانة الإسلاميَّة، حيث إنَّها قامت على الشريعة الإسلاميَّة وأنَّ الحكم فيها بين الناس بالكتاب والسنَّة المطهرة، إذ هي الدولة الوحيدة التي تحكم بالشريعة التي أمرنا الإسلام بالاحتكام إليها، وهي الدولة الوحيدة التي لا تضاهيها دولة في الدعوة إلى الله من حيث الشموليَّة داخليَّاً ودوليَّاً، وكذلك فهي الدولة التي تحتضن أطهر بقعتين في العالم مكة المكرَّمة والمدينة النبويَّة، وتقوم بخدمة ضيوف الرحمن بكلِّ ما تستطيعه من خدماتٍ وإمكانات، والمسلمون في كافة أرجاء العالم ينظرون إليها نظرةً فريدةً لوسطيَّتها ووضوح منهجها وارتباطها بعلمائها.
لذا فإنَّ الاهتمام بحمايتها والحفاظ عليها من أوجب الواجبات وأعظم المهمَّات، والدفاع عنها دفاعٌ عن الإسلام وأهله، وعن المقدسات الإسلاميَّة، ومن بالغ الأهميَّة الحرص على أنْ يتولى الكفء وزارة الدفاع فيها؛ لإعداد العدة للدفاع عن الوطن من العدوِّ الخارجي والاهتمام بتكثير أعداد المنضوين في الجيش السعودي، واقتناء أفضل الأسلحة صناعيَّاً وتقنيَّاً، ومواكبة العصر في تطوراته التسليحيَّة حفظاً لبلاد الإسلام ودفاعاً عن حياضه، لذا أتتْ حكمة القائد الملك الوالد خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله وأمدَّه بعونه وتوفيقه - بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للدفاع خلفاً لسمو وليِّ العهد الأمير سلطان -رحمه الله- الذي بذل ما بذله من جهودٍ مشكورةٍ يشاهدها العيان في وزارة الدفاع في عقودٍ متواصلةٍ من العمل الدؤوب في صالح هذه الوزارة المهمة..
ولقد سعدت نفوسنا حين سمعنا خبر هذا التعيين؛ لما يتمتع به صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز من صفاتٍ ومزايا تُبين أنَّه أصلح من يكون لهذا المكان المهم في الدولة، إذ له من الحنكة السياسيَّة والحكمة مما أفاده من ساسة البلد العظام من ولاة الأمر، خصوصاً والده الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والملك فيصل، والملك فهد رحمهم الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك الوالد عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وكذلك فهو من رجالات الدولة المعدودين والذين لهم تأثيرٌ على المستوى الداخليِّ والخارجيِّ، وكما هو قريبٌ من الناس ومتواضعٌ لهم فهو كذلك قريبٌ من السياسة الخارجيَّة ومطَّلعٌ يعي أحداثها بنظرةٍ ثاقبة، وهو كذلك أمير الرياض الذي تربَّع على قصر الحكم فيها لخمسة عقود، وشهد له أهلها بقربه منهم وإخلاصه وتفانيه في أداء عمله على أكمل وجه، وكلٌّ منَّا يعلم ما كانت عليه الرياض بالأمس وما هي عليه الآن.
ومن المزايا التي تُميِّز سموه الكريم تمتُّعه بالثقافة العالية والاطلاع الواسع، واهتمامه البالغ بالتاريخ عموماً وبتاريخ الجزيرة العربيِّة ونجد خصوصاً.
واللهَ وحده أسأل أنْ يوفق قادتنا وولاة أمورنا لما يحبُّه ويرضاه، وأنْ يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأنْ يُعزَّ ويُعليَ بهم الإسلام وأهله، وأسأل الله تعالى أنْ يوفق الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وأنْ يعينه، وأنْ يجعله مباركاً مسدداً في أقواله وأفعاله، وأنْ يجعل في تسنُّمه هذه الوزارة قوةً إلى قوَّتها وتطوّراً إلى تطوّرها، وأنْ يُطيل الله في عمره على طاعته. وإنَّ من فضل الله علينا كرعيَّةٍ أنْ مَنَّ علينا بولاة أمورٍ نحبُّهم ويحبُّوننا، اللهم إنَّا نُشهدك على محبَّتهم بقدر قربهم منك يا ربَّنا، فاغفر لهم ولنا واعفُ وتجاوز عنهم وعنَّا، والحمدلله ربِّ العالمين.