استشعرت عظمة نعمة الأمن في بلادي حينما كنت أقود سيارتي فجراً متجهاً إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض، فرغم أن السكون لدرجة الصمت يلف كل الأماكن، والشوارع تخلو من المارة والعابرين، وسكان الأحياء التي مررت بها يغطون في نومهم، وأنوار المدينة تتلألأ كأنها
نجوم ساحرة على سواد ليل ٍ أرخى سدوله إلا أنك تشعر بالارتياح الذي يفتقده كثيرون في تلك اللحظات العابرة مع الفجر، فالأمان يملأ النفس، والخوف ليس له موضع أنملة في أقبيته، فعين الله ثم عيوننا الساهرة تحرس وطني.
هنا فقط تذكرت عبارة (وطن لا نحميه.. لا نستحق العيش فيه)، وهي عبارة عظيمة الدلالة عميقة الفكرة، لا أعرف من صاغها، أو أول من قالها ! لكني قرأتها في إحدى اللوحات الأمنية في أحد التقاطعات الرئيسة في مدينتي حائل، كما قرأتها تزين شاشة التلفزيون السعودي في إطار تكريس حب الوطن، كما أذكر أني التقطتها في مواقع إلكترونية، هذه العبارة ذات أبعاد متعددة لكنها مختزلة في أربع مفردات جميلة: (وطن، ومواطن، وحماية، وعيش )، فتتشكل في تعبير صادق يقول (حماية وطن) يعني (عيش مواطن).
والجميل في تلك العبارة أنها تعكس لغة الوحدة الوطنية في كلمة (نحميه)، و(نستحق)، مقابل كلمة (الوطن)، والوطن هو المملكة العربية السعودية، التي تمثل إطار هذه الوحدة. من جهة ٍ أخرى تعبر كلمة (العيش) عن وعاء الوجود الحياتي لأي إنسان ما يعني ارتباط عيش المواطن بحماية وطنه، لكن هذه الحماية لا تقتصر على رجال الجيش والحرس الوطني، أو أفراد الأمن، أو حرس الحدود وخفر السواحل، إنما تشمل الجميع تحت مظلة الواجب، سواءً بـ(الولاء) للوطن الكيان ضد الخيانة للخارج، أو الانتماء للوطن الأرض ضد الفساد من الداخل. وهذه هي معادلة المواطنة الحقيقية.
هذه المعادلة تتجلى اليوم في المشهد السعودي العام بلغة مختلفة وواقع جميل لتعزيز استقرار الكيان ومواصلة حضارة الإنسان، من خلال صورتين تعكسان تلاحم القيادة والشعب في صياغة معاني الوحدة الوطنية الحقيقية، الأولى بيعة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب وزارة الداخلية، وهو المعروف بخبرته السياسية العريقة وحنكته الأمنية المميزة حتى ارتبط مفهوم الأمن الشامل وقيمه المتعددة بشخصية سموه، والصورة الثانية تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وزيراً للدفاع، وهو المعروف بالفكر الإداري الفريد والمنهجية العملية الفذة، ما يعني أن الوطن تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -يحفظه الله-، وبوجود نايف الأمن وسلمان الدفاع سيواصل مسيرته التنموية على درب الحضارة، ويبقى أن يعي المواطن مسؤليته تجاه وطنه بأن يستشعر دوماً معنى هذه العبارة (وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه).
kanaan999@hotmail.commoh_alkanaan@ تويتر