إن ما تبذله الدولة في سبيل النهوض بالعلم والتعليم ومواكبة الاحتياجات العامة للعلم والعلماء من خلال جامعاتنا المنتشرة في معظم مناطق المملكة وتلبية احتياجات مخرجات التعليم للقطاعين العام والخاص لوقفة تشكر عليها جامعاتنا في إيجاد الكليات المتخصصة في ذلك، ولعلنا نلقي الضوء على إحدى أهم الكليات المعاصرة ودورها في تدريس وتخريج كوادر وطنية تخدم الوطن والمواطن في النواحي العملية والتي أصبحت سمة لكل منشأة ومنزل وتطور ألا وهي كلية الحاسب الآلي التي بدورها تخرِّج كوادر قادرة على مواكبة احتياجات ومتطلبات العصر في معظم الأعمال اليومية لدى الشعوب المتحضّرة فلا يمكن تحقيق إضافة نوعية أو تغطية تكاليف بالزيادة أو النقص بدون الاعتماد - بعد الله- على برنامج أو معلومة أو خيال حاسب إلا أن ما تقوم به معظم الشركات الكبرى والبنوك من اعتماد إستراتيجية التعاقد (contractors) والتي تبنى على أساس أن هذه تلجأ إلى شركات متخصصة في خدمات الحاسب (IT) عوضاً عن توظيف كوادر وطنية للتوفير في مبدأ التكلفة والتخصصية، وهذه بحد ذاتها ربما لها ما يبررها من الناحية العملية والاقتصادية، وهي في الأصل مستوحاة من الإدارة الغربية التي حينما توكل هذه الخدمة إلى مقاولين فإن هنالك ما يبررها من الناحية الوطنية والعملية، حيث هنالك شركات محلية تؤدي الخدمة بكوادر وطنية.
أما في المملكة وعند توكيل شركات محلية بهذه الخدمة فإن الواقع يختلف، حيث إن الذين يعملون في هذه الشركات هم في الغالب أجانب من جنسيات آسيوية وبتكلفة رخيصة على حساب الكوادر الوطنية.
السؤال المطروح هو: ما جدوى إنشاء هذه الكليات المتخصصة في الحاسب، بل ما هو مستقبل المدن الاقتصادية ومدينة المعرفة ووادي التقنية وخلافه في ظل هذه السياسة من قِبل الشركات والمبنية على الكوادر الأجنبية وعدم توطين هذه المهنة، أين نحن من تهافت الشركات في الغرب الأمريكي إلى منطقة السليكون فالي في سان فرانسسكو إلى دعم وتبني هذه الكوادر في سبيل السباق إلى تحسين الإنتاجية وبيئة العمل والفوز بكل ما هو جديد في عالم تسوده هذه الصناعة، يبدو أن الوقت ما زال ملائماً لإعادة التفكير بجدية والوقوف على معالجة هذه القضية بدلاً من أن نجد خريجي الحاسب الآلي في مأزق وربما إعادة التفكير في جدوى هذه المراكز الأكاديمية التي خريجوها مستقبلهم في مهب الريح.